للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب في صدق النقلة وثقة الرواة والحملة:

هذا موضع من هذا الأمر، لا يعرف صحته إلا من تصور أحوال السلف فيه١ تصورهم٢، ورآهم من الوفور والجلالة بأعيانهم، واعتقد في هذا العلم الكريم ما يجب اعتقاده له٣، وعلم أنه لم يوفق لاختراعه٤، وابتداء قوانينه وأوضاعه، إلا البر عند الله سبحانه، الحظيظ٥ بما نوه به، وأعلى شأنه. أو لا يعلم أن أمير المؤمنين عليا -رضي الله عنه- هو البادئه والمنبه عليه والمنشئه والمرشد٦ إليه. ثم تحقق٧ ابن عباس، رضي الله عنه به، واكتفال أبي الأسود -رحمه الله- إياه. هذا، بعد تنبيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليه، وحضه على الأخذ بالحظ منه، ثم تتالى السلف -رحمهم الله- عليه، واقتفائهم -آخرا على٨ أول- طريقه. ويكفى من٩ بعد ما تعرف١٠ حاله، ويتشاهد١١ به من عفة أبي عمرو بن العلاء ومن كان معه، ومجاورا زمانه. حدثنا بعض أصحابنا -يرفعه- قال: قال أبو عمرو بن العلاء -رحمه الله: مازدت في شعر العرب إلا بيتا واحدا. يعنى مايرويه للأعشى من قوله:

وأنكرتنى وما كان الذى نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا

أفلا ترى إلى هذا البدر الطالع١٢ الباهر، والبحر الزاخر الذي هو أبو العلماء وكهفهم، وبدء١٣ الرواة وسيفهم، كيف تخلصه من تبعات هذا العلم وتحرجه، وتراجعه فيه إلى الله وتحوبه، حتى أنه لما زاد فيه -على سعته وانبثاقه، وتراميه وانتشاره- بيتا واحدا، وفقه الله للاعتراف به، "وجعل ذلك"١٤ عنوانا على توفيق ذويه وأهليه.


١ زيادة في د، هـ.
٢ في ط: "بصورهم".
٣ زيادة في ز، ط.
٤ في ط: "لاختياره واختراعه".
٥ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "الحفيظ: المحظوظ".
٦ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "المشير".
٧ يقرأ بالنصب عطفا على محل "أن أمير المؤمنين ... " وبالرفع، أي هناك تحقق ...
٨ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "عن".
٩ سقط في ش.
١٠ في ط: "تعرف".
١١ أي يشهد الناس بعضهم لبعض به.
١٢ سقط في ش، ط.
١٣ كذا في ط، وفي ش، ز: "يد"، والبدء: السيد.
١٤ ثبت ما بين القوسين في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>