للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

راح مسلم ولا جاء١.

"هل استوعب البخاري ومسلم كل الصحيح؟ ":

لم يستوعب البخاري ومسلم في صحيحهما كل الأحاديث الصحيحة, ولا التزما إخراج كل الصحاح، وإنما أخرجا من الصحيح ما هو على شرطهما، وليس أدل على ذلك من مقالتهما روي عن البخاري أنه قال: "ما وضعت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح مخافة الطول" وقال مسلم في صحيحه: "ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه"٢.

ويدل على ذلك أيضا أنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما، وأن الترمذي وغيره كثيرا ما ينقل عن البخاري تصحيح أحاديث ليست في الصحيح، وإنما هي في السنن وغيرها.

وأيضا فإننا لو تصفحنا كتب الحديث المعتمدة غير الصحيحين نجد فيهما أحاديث كثيرة صحيحة وليست في واحد من الصحيحين، فمسند الإمام أحمد فيه أحاديث كثيرة ليست في الصحيحين وفي كتب الأحاديث التي التزمت الصحة كصحيح ابن خزيمة و"المختارة" للمقدسي أحاديث ليست في الصحيحين ولا أحدهما.

ومن ثم نرى أن ما قاله الحافظ أبو عبد الله ابن الأخرم٣: "قل ما يفوت البخاري ومسلما من الأحاديث الصحيحة" قول غير دقيق ويخالف الواقع الملموس.


١ نزهة النظر شرح نخبة الفكر ص٣١ ط العاصمة.
٢ هذا قاله بحسب ظنه وإلا فقد انتقد عليه الحفاظ النقاد بعض أحاديث ذكرها في صحيحه، وقيل: مراده إجماع أربعة من العلماء: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعثمان بن أبي شيبة، وسعيد بن منصور.
٣ هو شيخ الحاكم أبي عبد الله، واسمه: محمد بن يعقوب بن الأخرم المتوفى سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.

<<  <   >  >>