للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"المراد بالبدعة وحكم رواية المبتدع":

وللحافظ الكبير ابن حجر في البدعة كلام حسن مع إيجازه, قال رحمه الله وأثابه بعد أن عرف البدعة بما ذكر آنفا:

"البدعة إما أن تكون بمكفر كأن يعتقد ما يستلزم الكفر، أو بمفسق.

فالأولى: لا يقبل صاحبها الجمهور، وقيل: يقبل مطلقا، وقيل: إن كان لا يعتقد حل الكذب لنصره مقالته قبل"١.

والتحقيق: أنه لا يرد كل مكفر -بفتح الفاء المشددة- ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها, فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم ذلك تكفير جميع الطوائف فالمعتمد أن الذي ترد رواتيه من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة وكذلك من اعتقد عكسه٢.

فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لم يرويه، مع


١ وحكي هذا القول عن الإمام الشافعي حكاه عنه الخطيب في "الكفاية"؛ لأنه قال: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، قال: وحكي هذا أيضا عن ابن أبي ليلى والثوري، والقاضي أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة.
٢ كمن أنكر أحد الأركان الخمسة، أو اعتقد التجسيم، أو عدم علم الله بالجزئيات، أو أنكر صفة من صفات الله تعالى.

<<  <   >  >>