للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"هم الفاروق رضي الله عنه أن يكتب الأحاديث":

وقد هم الفاروق عمر -رضي الله عنه- أن يجمع الأحاديث ويقيدها في كتب فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأشاروا عليه أن يكتبها, فطفق يستخير الله في ذلك شهرا, ثم أصبح يوما وقد عزم الله له، فقال: "إني كنت أردت أن أكتب السنن١ وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا". رواه البيهقي في المدخل٢.

فدل هذا على أن جمهور الصحابة كان رأيهم الكتابة, وأن من تيسرت له الكتابة منهم كانوا يكتبون, فقد شاعت القراءة والكتابة في هذا العصر عن ذي قبل, وما كانت تحدث مثل هذه القصة دون أن يكون لها أثر في حفز نفوس الكثيرين إلى كتابة السنن وروى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك قصة سماعه حديثا مرويا عن عتبان بن مالك -رضي الله عنه- سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أن من شهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صادقا من قلبه لا يدخل النار. قال أنس: "فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني: اكتبه فكتبه"٢.

وروى الحاكم وغيره من حديث أنس موقوفا "قيدوا العلم بالكتاب"٣ وكان ممن نشط وشمر عن ساعد الجد في كتابة الحديث سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:

روى الدارمي والحارث في مسنديهما بسنديهما عن ابن عباس قال: "لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل


١ أي يدونها تدوينا عاما وليته رضي الله عنه فعل.
٢ التدريب ص١٥١.
٣ صحيح مسلم بشرح النووي ج١ ص٢٤٤.

<<  <   >  >>