للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستقامة، أصلهما: إِقْوَام واستقوام، فنقلت فتحة الواو إلى القاف، ثم قلبت الواو ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها، فالتقى ألفان الأولى بدل العين والثانية ألف إفعال واستفعال فوجب حذف إحداهما.

واختلف النحويون أيتهما المحذوفة؟ فذهب الخليل وسيبويه إلى أن المحذوفة ألف إفعال واستفعال؛ لأنها الزائدة، ولقربها من الطرف، ولأن الاستثقال بها حصل، وإلى هذا ذهب الناظم؛ ولذلك قال: "وألف الإفعال واستفعال.... أزل ... ".

وذهب الأخفش والفراء إلى أن المحذوفة بدل عين الكلمة، والأول أظهر، ولما حذفت الألف عوض عنها تاء التأنيث فقيل: إقامة واستقامة.

وأشار بقوله: "وحذفها بالنقل ربما عرض" إلى أن هذه التاء التي جعلت عوضا قد تحذف، فيقتصر في ذلك على ما سمع، ولا يقاس عليه، كقولهم: أراء إراء واستقام استقاما، قال الشارح: ويكثر ذلك مع الإضافة كقوله تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} فهذا على حد قوله١:

.............................. ... وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا


١ قائله: هو أبو أمية الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، وهو من البيسط.
وصدره:
إن الخليط أجدوا البين فانجردوا
اللغة: "الخليط" المخالط الذي يخالط المرء في جميع أموره "البين" الفراق "أجدوا البين" أحدثوا الفراق وجعلوه أمرا جديدا "انجردوا" بعدوا واندفعوا، ويروى: انصرموا؛ أي: انقطعوا ببعدهم عنا.
المعنى: يجرد الشاعر من نفسه شخصا يخاطبه ويقول له: إن أصحابك وأصدقاءك الذين عاشروك، قد أحدثوا بينك وبينهم فرقة، وبعدوا عنك وأخلفوا ما كانوا قد وعدوك به وعاهدوك عليه، من دوام الألفة وطول عهد القرب والمودة.
الإعراب: "إن" حرف توكيد ونصب "الخليط" اسم إن "أجدوا" فعل ماض، وواو الجماعة فاعله "البين" مفعول به لأجدوا، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله في محل رفع خبر إن "فانجردوا" الفاء عاطفة. انجرد: فعل ماض وواو الجماعة فاعله "وأخلفوك" الواو عاطفة أخلف فعل ماض وواو الجماعة فاعله وكاف الخطاب مفعول أول مبني على الفتح في محل نصب "عد" مفعول ثانٍ "الأمر" مضاف إليه "الذي" اسم موصول نعت للأمر "وعدوا" فعل ماض وفاعله، والجملة لا محل لها صلة الموصول، والعائد محذوف: الأمر الذي وعدوه.
الشاهد: قوله: "عد الأمر" حيث حذفوا التاء عند الإضافة شذوذا؛ لأن أصله "عدة".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن هشام ٣٠٩/ ٤، وابن الناظم.

<<  <  ج: ص:  >  >>