للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إطلاقات كلمة الشريعة اصطلاحيًا

...

إطلاقات كلمة الشريعة اصطلاحا:

ومن هذه التعريفات والنصوص التي نقلناها عن أهل اللغة, وعمن كتبوا في المصطلحات، نتبين أن الشرعة والشرع والشريعة كلمات مترادفة، وأصلها واحد.

وأن الشريعة تطلق على معانٍ متعددة:

١- فالشريعة هي كل ما أنزله تعالى على نبي من أنبيائه، وهي تنتظم الاعتقاد والأحكام العملية والاخلاق، فهي ما شرعه الله من الاعتقاد والعمل كما في قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: ١٨] .

٢- وتطلق الشريعة كذلك على ما خص الله تعالى به كل نبي من الأحكام وما سنه لأمته، مما يختلف من دعوة نبي لآخر، من المناهج وتفصيل العبادات والمعاملات ... إلخ، وهنا نقول: إن الدين في أصله واحد والشرائع متعددة١، كما في قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨] .

٣- وتطلق الشريعة أحيانا على ما شرعه الله لجميع الرسل من أصول الاعتقاد والبر والطاعة مما لا يختلف من دعوة نبي لآخر كما في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} [الشورى: ١٣] .

٤- وتطلق الشريعة بخاصة على "العقائد" التي يعتقدها أهل السنة من الإيمان مثل: اعتقادهم أن الإيمان قول وعمل، وأن الله موصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله خالق كل شيء، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه على كل شيء قدير, وأنهم لا يكفرون أهل القبلة بمجرد الذنوب، ويؤمنون بالشفاعة لأهل الكبائر, ونحو ذلك من عقود أهل السنة، فسموا أصول اعتقادهم شريعة ... وهذا المعنى الأخير للشريعة عليه مدار البحث هنا، وهو مقصودنا بهذا العنوان.

"والشريعة في هذا كالسنة التي تقدم الكلام عليها، فقد يراد بها ما سنّه وشرعه من العقائد، وقد يراد بها ما سنه وشرعه من العمل، وقد يراد بها كلاهما"١.


١ انظر: "الإسلام وعلاقته بالشرائع الأخرى" ص٣٥-٤١، "التوحيد مفتاح دعوة الرسل" ص٢٥-٣٤.
٢ انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام": ١٩/ ٣٠٦, ٣٠٧.

<<  <   >  >>