للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة العنكبوت]

أقول: ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما أخبر في أول السورة السابقة عن فرعون أنه: {عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} "القصص: ٤" افتتح هذه السورة بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على الإيمان بعذاب دون ما عذب به قوم فرعون بني إسرائيل؛ تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم، وحثًّا لهم على الصبر؛ ولذلك قال هنا: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} "٣"، وهذه أيضًا من حِكَم تأخير القصص عن١ "طس".

وأيضًا فلما كان في خاتمة القصص الإشارة إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم٢، وفي خاتمة هذه الإشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} "٥٦" ناسب تتاليهما.


١ في المطبوعة: "على"، والمثبت من "ظ".
٢ وذلك في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} "القصص: ٨٥" الآية، والمعنى: لرادك إلى مكة، كما في البخاري "٦/ ١٤٢" أي: كما خرجت منها، وبه قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ويحيى بن الجزار، وسعيد بن جبير، والضحاك، واختاره ابن جرير "تفسير الطبري: ٢٠/ ٨٠".

<<  <   >  >>