للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الرحمن]

أقول: لما قال سبحانه وتعالى في آخر القمر: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} "القمر: ٤٦"، ثم وصف حال المجرمين في سقر، وحال المتقين في جنات ونهر، فصَّل هذا الإجمال في هذه السورة أتم تفصيل، على الترتيب الوارد في الإجمال.

فبدأ بوصف مرارة الساعة، والإشارة إلى إذهابها١، ثم وصف النار وأهلها٢، والجنة وأهلها٣؛ ولذا قال [ {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} ٤١، فلم يقل: "الكافرون" أو نحوه؛ لاتصاله بقوله هناك: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} "القمر: ٤٧"، ثم وصف الجنة وأهلها، وكذا قال] ٤ فيهم: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} "٤٦"، وذلك هو عين التقوى٥، ولم يقل: [و] ٦ لمن آمن وأطاع، أو نحوه؛ لتتوافق الألفاظ في التفصيل والمفصل.

وعرف بذلك أن هذه السورة بأسرها شرح لآخر السورة التي قبلها، فلله الحمد على ما ألهم وفهَّم٧.


١ في المطبوعة: "إدهائها" تحريف، والمثبت من "ظ".
٢ وصف النار وأهلها جاء في قوله في سورة الرحمن: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ} إلى {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} "الرحمن: ٣١-٤٤".
٣ ووصف الجنة وأهلها جاء في قوله: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} "الرحمن: ٤٦" إلى آخر السورة.
٤ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٥ التقوى هي: خوف مقام الرب، وبذلك يتفق التفصيل هنا مع الإجمال في قوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} "القمر: ٥٤".
٦ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٧ نظم الدرر في تناسق الآيات والسور "٧/ ٣٧١"، ومصاعد النظر "٣/ ٤٥".

<<  <   >  >>