للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سورة المجادَلة:

أقول: لما كان في مطلع الحديد ذكر صفاته الجليلة؛ ومنها: الظاهر والباطن، وقال: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} "الحديد: "٤" افتتح هذه بذكر أنه سمع قول المجادِلة التي شكت إليه صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها- حين نزلت: "سبحان الذي وسع سمعه الأصوات، إني لفي ناحية البيت لا أعرف ما تقول"١.

وذكر بعد ذلك قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} وهو تفصيل لإجمال قوله٢:

{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] ٣} "الحديد: ٤".

وبذلك تعرف الحكمة في الفصل بها بين الحديد والحشر، مع تآخيهما في الافتتاح بـ {سَبَّحَ} ٤.


١ أخرجه ابن ماجه في المقدمة "١/ ٦٧"، والإمام أحمد في المسند "٦/ ٤٦"، وأخرجه البخاري بنحوه معلقًا "٩/ ١٤٤"، وانظر: التفسير الصحيح "٤/ ٤٥٣"، وابن جرير في التفسير "٢٨/ ٥، ٦".
٢ في المطبوعة: "لقوله"، والمثبت من "ظ".
٣ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٤ نظم الدرر "٧/ ٤٧٤، ٤٧٥".

<<  <   >  >>