للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة النصر]

أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أنه [لما] ١ قال في آخر ما قبلها: {وَلِيَ دِينِ} "الكافرون: ٦" فكان فيه إشعار بأنه خلص له دينه، وسلم من شوائب الكدر٢ والمخالفين، فعقَّب ببيان وقت ذلك، وهو مجيء الفتح والنصر، فإن الناس حين٣ دخلوا في دين الله أفواجًا، فقد تم٤ الأمر وذهب الكفر٥، وخلص دين الإسلام ممن كان يناوئه؛ ولذلك كانت السورة إشارة إلى وفاته صلى الله عليه وسلم٦.

وقال الإمام فخر الدين: كأنه تعالى يقول: لما أمرتك في السورة المتقدمة بمجاهدة جميع الكفار، بالتبري منهم، وإبطال دينهم، جزيتك على ذلك بالنصر والفتح، وتكثير الأتباع٧.

قال: ووجه آخر؛ وهو: أنه لما أعطاه [الله] ٨ الكوثر؛ وهو: الخير الكثير، ناسب تحميله مشقاته وتكاليفه، فعقَّبها بمجاهدة الكفار، والتبري منهم، فلما امتثل ذلك أعقبه بالبشارة بالنصر والفتح، وإقبال الناس أفواجًا إلى دينه، وأشار إلى دنو أجله، فإنه ليس بعد الكمال إلا الزوال.

توقع زوالًا إذا قيل تم٩


١ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٢ في المطبوعة: "الكفار"، والمثبت من "ظ".
٣ في "ظ": "حينئذ".
٤ في ظ": "وتم".
٥ في "ظ": "الكدر".
٦ أخرج البخاري هذا المعنى في التفسير "٦/ ٢٢٠، ٢٢١"، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- والإمام أحمد في المسند "١/ ٢١٧، ٣٤٤، ٣٥٦"، وابن جرير في التفسير "٣٠/ ٢١٥".
٧ انظر: "مفاتيح الغيب" للرازي "٨/ ٧٢٩" وما بعدها.
٨ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ"، وهي في المصادر.
٩ انظر: "مفاتيح الغيب" للرازي "٨/ ٧٤٣"، وانظر: "نظم الدرر" "٨/ ٥٥٩" وما بعدها.

<<  <   >  >>