للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الإخلاص]

قال بعضهم: وضعت هاهنا للوزان في اللفظ بين فواصلها ومقطع سورة تبت.

وأقول: ظهر لي هنا غير الوزان في اللفظ: أن هذه السورة متصلة بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} في المعنى؛ ولهذا قيل: من أسمائها أيضًا الإخلاص، وقد قالوا: إنها اشتملت على التوحيد، وهذه أيضًا مشتملة عليه؛ ولهذا قرن بينهما في القراءة في الفجر، والطواف، والضحى، وسنة المغرب، وصبح المسافر، ومغرب ليلة الجمعة١.

وذلك أنه لما نفى عبادة ما يعبدون، صرح هنا بلازم ذلك، وهو أن معبوده أحد٢، وأقام الدليل عليه بأنه صمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، ولا يستحق العبادة إلا من كان كذلك، وليس في معبوداتهم ما هو كذلك.

وإنما فصل بين النظيرتين بالسورتين٣ لما تقدم من الحكمة، وكأن إيلاءها سورة تبت ورد عليه بخصوصه.


١ أخرج الهيثمي في مجمع الزوائد عن ابن عمر رضي الله عنهما "٢/ ١٢٠" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في الفجر سفرًا بالكافرين والإخلاص، وأخرج ابن حجر في "المطالب العالية" "٣/ ٣٩٩" عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول بضعًا وعشرين مرة: "نعم السورتان، يقرأ في الركعتين: الأحد الصمد، وقل يا أيها الكافرون"، وأخرج عن أبي يعلى من حديث جبير بن مطعم أنه -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يقرأ: "الكافرون، والنصر، والإخلاص، والمعوذتين" "المصدر السابق: ٣/ ٣٩٨".
٢ في "ظ": "واحد".
٣ يعني: بين "الكافرين والإخلاص" بالنصر وتبت.

<<  <   >  >>