للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الفلق والناس]

قال: أقول: هاتان السورتان نزلتا١ معًا -كما في الدلائل للبيهقي- فلذلك قُرنتا، مع ما اشتركتا فيه من التسمية بالمعوذتين، ومن الافتتاح بـ {قُلْ أَعُوذُ} ، وعقب بهما سورة الإخلاص؛ لأن الثلاثة سميت في الحديث بالمعوذات وبالقواقل٢.

وقدمت الفلق على الناس -وإن كانت أقصر منها- لمناسبة مقطعها في الوزان لفواصل الإخلاص مع مقطع تبت٣.

وهذا آخر ما مَنَّ الله به عليَّ من استخراج مناسبات ترتيب السور، وكله من مستنبطاتي، ولم أعثر فيه على شيء لغيري إلا النزر اليسير الذي صرحت بعزوي له، فلله الحمد على ما ألهم، والشكر على ما مَنَّ به وأنعم، سبحانك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

ثم رأيت الإمام فخر الدين ذكر في تفسيره٤ كلامًا لطيفًا في


١ في المطبوعة: "نزلنا" تحريف، والمثبت من "ظ".
٢ الذي عثرت عليه حديث عبد الله بن خبيب عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: أصابنا طش وظلمة، فانتظرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخذ بيدي فقال: "قل"، فسكت. فقال: "قل"، فقلت: ما أقول؟ قال: "قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثًا تكفك، كل يوم مرتين" "مسند الإمام أحمد: ٥/ ٣١٢، وأبو داود في الأدب ما يقول إذا أصبح: ٢/ ١٧٦، والنسائي في الاستعاذة: ٨/ ٢٥٠، والترمذي في الدعوات: ٩/ ٣٤٧"، وحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتعوذ بهن كل ليلة ثلاث مرات "البخاري في فضائل القرآن: ٦/ ٢٢٣".
ونقل السيوطي عن السخاوي قوله: "وقوارع القرآن الآيات التي يتعوذ بها ويتحصن، سميت بذلك لأنها تقرع الشيطان وتقمعه كآية الكرسي والمعوذتين" "الإتقان: ١/ ٢٠١"، أما كلمة "القواقل" التي ذكرها المؤلف، فلم نعثر عليها في الحديث النبوي ومصادره.
٣ مقطع الفلق "حسد" مناسب لفواصل الإخلاص "أحد، الصمد، أحد"، ومقطع تبت "مسد" وكلها متفقة في الوزن.
٤ واسمه: "مفاتيح الغيب".

<<  <   >  >>