للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤١- بيان أكثر من تُروى عنهم المراسيل والموازنة بينهم:

قال الحاكم في علوم الحديث: "أكثر ما تروى المراسيل من أهل المدينة، عن ابن المسيب؛ ومن أهل مكة عن عطاء بن أبي رباح؛ ومن أهل البصرة عن الحسن البصري ومن أهل الكوفة عن إبراهيم بن يزيد النخعي، ومن أهل مصر عن سعيد بن أبي هلال، ومن أهل الشام عن مكحول" قال: "وأصحها كما قال ابن معين مراسيل ابن المسيب لأنه من أولاد الصحابة، وأدرك العشرة وفقيه أهل الحجاز ومفتيهم وأول الفقهاء

السبعة الذين يعتد مالك بإجماعهم كإجماع كافة الناس. وقد تأمل الأئمة المتقدمون مراسيله فوجدوها بأسانيد صحيحة، وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره". قال: "والدليل على عدم الاحتجاج بالمرسل غير المسموع من الكتاب قوله تعالى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} ١. ومن السنة: "تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم" ٢.

قال السيوطي: "تكلم الحاكم على مراسيل سعيد فقط، دون سائر من ذكر معه؛ ونحن نذكر ذلك: فمراسيل عطاء: قال ابن المديني: كان عطاء يأخذ عن كل ضرب؛ مرسلات مجاهد أحب إليَّ من مرسلاته بكثير وقال أحمد بن حنبل. مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات؛ ومرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها؛ وليس في المرسلات أضعف من مرسلات الحسن، وعطاء بن أبي رباح، فإنهما كانا يأخذان عن كل أحد. ومراسيل الحسن تقدم القول فيها عن أحمد. وقال ابن المديني: "مرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات صحاح ما أقل ما يسقط منها! " وقال أبو زرعة: "كل شيء قال الحسن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجدت له أصلًا ثابتًا ما خلا أربعة أحاديث". وقال يحيى بن سعيد القطان: "ما قال الحسن في حديثه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا وجدنا له أصلًا إلا حديثًا، أو حديثين" قال شيخ الإسلام ابن حجر: "ولعله أراد ما جزم به الحسن" وقال غيره: "قال رجل للحسن يا أبا سعيد! إنك تحدثنا فتقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلو كنت تسنده لنا إلى من حدثك؟ " فقال الحسن: "أيها الرجل ما كَذَبْنَا ولا كُذِّبْنَا!! ولقد غزونا غزوة إلى خراسان ومعنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد". وقال يونس بن عبيد: "سألت الحسن قلت: يا أبا سعيد إنك تقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنك لم تدركه" فقال: "يابن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ولولا منزلتك مني


١ سورة التوبة، الآية: ٢٣.
٢ ذكره الحافظ ابن عبد البر في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" ص١٧٧، عن ثابت بن قيس الأنصاري. قال: "ومثله عن ابن عباس".

<<  <   >  >>