للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكتاب الله قوله تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة} ١. وأفتى غيره بألا نفقه لها ولا سكنى، احتجاجا بحديث فاطمة بنت قيس، وقد جاء فيه، إن زوجها طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له؛ فقال: "ليس لك عليه نفقة ولا سكنى". فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك.

وأفتى آخرون بألا نفقة لها ولا سكنى إلا إذا كانت حاملا لمفهوم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ٢.

وتحقيق هذه المسألة، أنه إذا طلق الرجل زوجه؛ فإما أن يكون الطلاق رجعيا أو بائنا، فإن كان الطلاق رجعيا كان لها النفقة والسكنى بلا خلاف؛ لأن ملك النكاح قائم، وإن كان الطلاق بائنا وكانت حاملا فلها النفقة إجماعا لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} ، واختلفوا إذا كانت مبتوتة غير حامل.

والثابت أنه ما كان للمطلقة المبتوتة نفقة ولا سكنى لا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أبي بكر، لحديث فاطمة بنت قيس، روى مسلم ومالك في الموطأ وأبو داود والترمذي والنسائي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها: أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب؛ فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: "ليس لك عليه نفقة". وفي رواية "لا نفقة لك ولا سكنى" وفي رواية: "فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة، قالت: فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة".

ولكن عمر رضي الله عنه فهم من عموم قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ، لا


١ الطلاق: ١.
٢ الطلاق: ٦.

<<  <   >  >>