للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد فرض الله للأم مع عدم الفرع الوارث والعدد من الإخوة الثلث، قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} ١. ولم توضح الآية حكم ما إذا وجد مع الأبوين أحد الزوجين، ولم يأت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء في ذلك، ولم يحدث هذا في عهد أبي بكر؛ فلما حدث في عهد عمر، اجتهد في المسألة، ورأى أنه لو أعطى في الصورة الأولى الزوج النصف والأم الثلث لم يبق للأب غير السدس، وهذا يتنافى مع قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن} ٢ ولو أعطى في الصورة الثانية الزوجة الربع والأم الثلث والأب الباقي؛ فإنه لا يفضلها إلا بواحد من اثني عشر، وهذا لا يحقق معنى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن} فرأى أن يقسم التركة بعد الزوج أو الزوجة بين الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، ووافقه على هذا عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وغيرهم، وهو ما أخذ به الأئمة الأربعة.

وخالفهم ابن عباس رضي الله عنهما، ورأي أن للأم ثلث التركة مطلقا؛ سواء أكانت مع الزوج أو الزوجة تمسكا بظاهر الآية، وبالحديث المتفق عليه "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر".

ووافق ابن سيرين الجمهور إذا كان مع الأبوين زوج حتى لا يأخذ الأب في هذه الحالة أقل من الأم، ووافق ابن عباس إذا كان مع الأبوين زوجة لأن الأب في هذه الحالة سيأخذ أكثر من الأم.

وليس فيما ذهب إليه عمر ومن وافقه ما يتعارض مع النصوص؛ وإنما تفسر الآية {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُث} على أن المراد ورثه أبواه خاصة، أو أن لها ثلث ما ورثاه سواء أكان جميع المال أو بعضه.


١ النساء: ١١.
٢ النساء: ١١.

<<  <   >  >>