للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن عبد العزيز على رأس المائة، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى".

ويقول داود بن على الظاهري: "للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره من شرف تسبه، وصحة دينه ومعتقده، وسخاوة نفسه، ومعرفته بصحة الحديث وسقيمه، وناسخه ومنسوخه، وحفظ الكتاب والسنة وسيرة الخلفاء وحسن التصنيف".

ويقول محمد بن عبد الحكم أحد تلاميذه بمصر: "لولا الشافعي ما عرفت كيف أرد على أحد، وبه عرفت ما عرفت، وهو الذي علمني القياس رحمه الله؛ فكان صاحب سنة وأثر وفضل وخير، مع لسان فصيح بليغ، وعقل صحيح رصين".

ونتاج الشافعي، وما تركه من آثار يشهد له بذلك؛ فقد أوتى علم العربية، وعلم الكتاب، وفقه الحديث، وضبط قواعد السنة. وبرز في فقه الرأي والقياس، وكان يقول: من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

قال الربيع بن سليمان: "وكان الشافعي رحمه الله، يجلس في حلقته إذا صلى الصبح فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا، وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار".

وقد أرجع الشيخ أبو زهرة هذا النبوغ إلى عناصر:

أولها - مواهبه:

آتى الله الشافعي حظا من المواهب يجعله في الذروة الأولى من قادة الفكر، وزعماء الآراء، كان قوي المدارك، حاضر البديهة، عميق الفكر، بعيد الفهم، يعتمد على الضوابط العامة، والقواعد الكلية في معرفة الجزئيات والفروع، وكان

<<  <   >  >>