للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكم كتابا لن تضلوا بعده" قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله، حسبنا"١.

وبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرآن في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ٢. يراد به ما تواتر عنه عمليا، كهيئة الصلاة، وكيفة الحج، ونحو ذلك وما عدا هذا مما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير فإنه إن صحت روايتهق يكون من قبيل الاجتهاد الذي يتغير تبعا للمصلحة، وليس تشريعا عاما دائما.

وهذه شبهة واهية، فإن اتباع السنة اتباع للقرآن، حيث أمرنا الله باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا معنى لاتباع رسوله بعد وفاته سوى اتباع ما صدر عنه، وصحت نسبته إليه، وقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم} أي أكملت لكم ما تحتاجون إليه من أصول الحلال والحرام، والقواعد التي تقوم عليها شئون الحياة في جوانبها المختلفة، ولا يعنى هذا تفصيل الأحكام وكذلك قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} أي إن جماع ما أبانه الله لخلقه، من أصول الدين، وقواعد الأحكام في كتاب الله، ولكن تفصيل ذلك هو ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو معنى قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ولو لم نأخذ من أحكام الشريعة إلا ما جاء في القرآن لما لزمنا في الصلاة إلا ركعة، ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل، وأخرى عند الفجر، لأن هذا هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} ٣ ومن أين لنا معرفة ركعات الصلاة، ومقادير الزكاة، وتفاصيل شعائر الحج، وسائر أحكام العبادات والمعاملات، فإن قالوا: إن السنن العملية المتواترة هي التي يعمل بها ومن ذلك الصلاة ونحوها..


١ رواه مسلم
٢ النحل: ٤٤
٣ الإسراء: ٧٨.

<<  <   >  >>