للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: في التقييد بالشرط]

يقيد الفعل بالشرط للأغراض التي تستفاد من معاني الأدوات كالزمان في: متى، والمكان في: أين، والحال في: كيفما، إلى آخر ما استوفى بيانه علم النحو، لكن نذكر هنا ما بين: إن، وإذا، ولو، من الفروق الدقيقة التي تشاكل مباحث هذا الفن.

بيان هذا أن المقصود من الجملة الشرطية عند علماء العربية، إنما هو النسبة التي يدل عليها الجزاء سواء أكانت خبرية أم إنشائية، والشرط قيد لها وسبب فيها لا يغيرها عن حالها الأولى من الخبرية أو الإنشائية، وقد خرج بدخول الأداة عليه عن كونه خبرا يحتمل صدقا وكذبا، فقولك: إن نجحت أكافئك، معناه أكافئك حين نجاحك، وقولك: إن جاء محمد فأكرمه، أي: أكرمه وقت مجيئه.

"إن" و"إذا" تشتركان في الدلالة على تعليق حصول الجزاء على حصول الشرط في المستقبل، وتمتاز كل منهما بما يلي:

أ- تمتاز"إن" بدلالتها بحسب الوضع اللغوي على عدم جزم المتكلم بوقوع الشرط في الزمن المستقبل، نحو: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} ١ ومن ثم لا تقع في كلام الله تعالى إلا على سبيل الحكاية أو التأويل, فالأول كقوله تعالى حكاية عن يوسف: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} ٢، والثاني نحو: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} ٣ فقد جاءت في التنزيل على نمط أساليبهم، وعلى الطريقة التي يعبر بها المتكلم منهم حينما يكون غير جازم بوقوع الشرط.

ب- تمتاز "إذا" باستعمالها لغة في كل ما يجزم المتكلم بوقوعه في الزمن المقبل نحو: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} ٤.

ومن أجل ما بينهما من الفرق كانت الأحكام النادرة الوقوع مع لفظ المضارع مواقع لإن، والأحوال الكثيرة الوقوع ولفظ الماضي الدال على تحقيق الوقوع


١ سورة المائدة الآية: ٤٢.
٢ سورة يوسف الآية: ٣٣.
٣ سورة الأعراف الآية: ١٣١.
٤ سورة الزلزلة الآية: ١.

<<  <   >  >>