للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: في حذف المسند إليه]

يحذف المسند إليه لأغراض، أهمها:

١- ظهوره بدلالة القرائن عليه، فذكره يعد حينئذ عبثا في الظاهر١ كقوله تعالى: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} ٢ أي: أنا.

٢- ضيق المقام عن إطالة الكلام بسبب التوجع والتضجر، نحو:

قال لي كيف أنت قلت عليل ... سهر دائم وحزن طويل

٣- إخفاء الأمر عن غير المخاطب، كما تقول: "انتهت"، أي: المسألة المعهودة بينكما.

٤- خوف فوات فرصة سانحة، كقول من رأى طيارا مقبلا: طيار.

٥- المحافظة على سجع أو قافية، فالأول نحو: من طابت سريرته حمدت سيرته، أي: حمد الناس سيرته. والثاني نحو:

وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوما أن ترد الودائع٣

٦- اتباع الاستعمال الوارد بالحذف كقولهم في المثل: رمية من غير رام٤، أي: هذه رمية، أو الوارد على ترك نظائره، كما في الرفع على المدح، أو الذم أو الترحم، فإن المسند إليه لا يكاد يذكر في هذه المواضع، فيقولون بعد أن يذكروا٥ الممدوح: غلام من شأنه كذا وكذا، وفتى من شأنه كيت وكيت، كما قال ابن عنقاء الفزاري يمدح عميلة، وقد شاطره ماله لما رآه معوزا:

رآني على ما بي عميلة فاشتكى ... إلى ماله حالي أسر كما جهر

غلام رماه الله بالخير يافعا ... له سيمياء لا تشق على البصر٦


١ وإلا فلا عبث في ذكره على الحقيقة أحد ركني الإسناد.
٢ سورة الذاريات الآية: ٢٩.
٣ إذ لو قيل أن يرد الناس الودائع لاختلفت القافية.
٤- يريد رمية مصيبة من رام غير محسن، يضرب مثلا لمن صدر منه فعل حسن ليس أهلا لأن يصدر منه. قاله الحكم بن عبد يغوث المضري.
٥ قال الرازي: يشبه أن يكون السبب في ذلك أنه بلغ في استحقاق الوصف إلى حيث إنه لا يكون إلا للموصوف، سواء أكان في نفسه كذلك، أم بحسب دعوى الشاعر على طريق المبالغة.
٦ رماه الله وضع فيه، واليافع الشاب، والسيمياء العلامة والهيئة، ولا تشق على البصر أي: تفرح به من ينظر إليه.

<<  <   >  >>