للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللثام عن مدلوليهما منتهيًا إلى أن التأثيل هو علم أصول الألفاظ، وأنه مشتق من "الأثل" -بمعنى الأصل- فهو على هذا اصطلاح مقابل لكلمة etymologie، وأن الترسيس هو رد الألفاظ إلى بدايتها، وأنه مشتق من "الرس" -بمعنى البداية- ومن الممكن أن يقابله في اللغات الأوربية اصطلاح radixation.

وأيا ما يكن وقع هذين اللفظين على القارئ العادي أو المختص، فلنا أن نستخرج في ضوئهما عددًا من الحقائق اللغوية التي تؤكد إقراض العربية سواها من لغات الإنسان أكثر من اقتراضها منها، فما اقتبسته العربية من مختلف اللغات لا يجاوز ثلاثة آلاف لفظ على أكبر الاحتمالات١، على حين دخل تلك اللغات من العربية وغيرها شيء كثير لم يحصه حتى اليوم الراسخون في علم اللغات.

وربما انطوت هذه الدعوى على كثير أو قليل من الغلو يعارض ما أكدناه في فصل "تعريب الدخيل" من أن العربية ليست بدعًا من اللغات، فهي تقرضها مثلما تقترض منها، وتخضع في ذلك كله لقانون اجتماعي لغوي هو تبادل التأثير والتاثر بين اللغات٢ وقد يستنتج من ذلك أن لا داعي لانفراد العربية بقلة ما اقتبسته من سواها، ولا مسوغ للمبالغة فيما اقتبسه غيرها منها أو سواها؛ لذلك نبادر إلى حصر الغاية في مثل هذه البحوث بتقرير الحقائق معززة بالشواهد، ونقر بخضوع العربية للقانون اللغوي المذكور، ونرفض ألوان المبالغة جميعًا في هذا الموضوع، ونلح -رغم ذلك كله- على امتياز العربية


١ قارن بكتاب "غرائب اللغة العربية" للأب رفائيل نخلة اليسوعي.
٢ راجع هذ الفصل ص٣١٤.

<<  <   >  >>