للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١- منافرة حامية:

خرج الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، ومعه عطر يريد الحيرة، وكان بالحيرة سوق يجتمع إليها العرب كل سنة. فمر بحاتم بن عبد الله الطائي، فسأله الجوار في أرض طيء حتى يصير إلى الحيرة، فأجاره. ثم أمر حاتم بجزور فنحرت, وطبخت أعضاء فأكلوا.

ومر حاتم بسعد بن حارثة بن لام "وكان النعمان جعل ريع الطريق لبني لام؛ لأنهم أصهاره" وليس من بني أبيه غير ابن عمه ملحان، فوضع حاتم سُفْرَته وقال: "اطعموا حياكم الله" فقالوا: "من هؤلاء معك يا حاتم؟ " قال: "هؤلاء جيراني" قال له سعد: "أفأنت تجير علينا في بلادنا؟ " قال له: "أنا ابن عمكم وأحق من لا تخفرون ذمته" فقالوا: "لست هذاك" وأرادوا أن يفضحوه كما فُضح عامر بن جوين قبله، فوثبوا إليه، فتناول أحدهم حاتما فأهوى له حاتم بالسيف فأطار أرنبة أنفه، ووقع الشر حتى تحاجزوا، فقال حاتم:

رددت -وبيت الله- لو أن أنفه ... هواء كما مت المخاط عن العظم

ولكنما لاقاه سيف ابن عمه ... فآب ومر السيف منه على الخطم١

فقالوا لحاتم: "بيننا وبينك سوق الحيرة, فنماجدك ونضع الرهن".

ثم نفذوا ما قالوا, فوضعوا تسعة أفراس رهنا على يد رجل من كلب, ووضع حاتم فرسه ثم خرجوا حتى انتهوا إلى الحيرة.

وسمع بذلك إياس بن قبيصة الطائي، فخاف أن يعينهم النعمان ويقويهم بماله وسلطانه للصهر الذي بينهم وبينه، فجمع إياس رهطه من بني حية وقال:


١ الخطم: الأنف.

<<  <   >  >>