للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتمضي عشرات السنين ويصلى العراق بسطوة الحجاج وإرهابه، وتشتد الوطأة فلا يكون المتنفس إلا في المربد، حيث يخطب الناسَ الزعيمُ الثائر عبد الرحمن بن الأشعث قائلا:

"أيها الناس! إنه لم يبق من عدوكم إلا كما يبقى من ذَنَب الوَزَغة, تضرب به يمينا وشمالا فلا تلبث أن تموت" فتقوى بهذا الكلام نفوس الثائرين إلا رجلا من بني قشير لا يعجبه كلام ابن الأشعث فيقول:

"قبّح الله هذا، يأمر أصحابه بقلة الاحتراس من عدوهم ويعدهم الغرور"١ فيكون أشد على الحجاج من ابن الأشعث, إذ أراد التي هي أحزم.

كان في المربد إذن أدب وتجارة وحرب٢ وسياسة كما كان في عكاظ. وأستطيع أن أقسم الكلام على المربد أقساما ثلاثة كان


١ الكامل للمبرد ١/ ١٥٩.
٢ ثم كان مسرحا لفتن قبلية, يذكر إحداها الفرزدق مفتخرا:
عشية سال المربدان كلاهما ... عجاجة موت بالسيوف الصوارم
والمربد واحد لا اثنان, وإنما أراد الفرزدق: المربد وما يليه مما جرى مجراه, والعرب تفعل هذا في الشيئين جريا في باب مجرى واحدا. الكامل للمبرد ص٨٢ طبعة ليدن.

<<  <   >  >>