هَذَا بِدْعَة. وَكَذَا قَالَتْ أُمّ سَلَمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا.
فأثبت المعنى بالصريح ونسبه للسلف وللإمام مالك وفرق بينه وبين الكيف وجعله مجهولا مفوضا وهذا اعتراف هام وما أصرحه:
" الِاسْتِوَاء مَعْلُوم - يَعْنِي فِي اللُّغَة - وَالْكَيْفَ مَجْهُول "
فهناك فرق بينهما
وفيه دلالة على أن الكيف غير منفي في علم الله
وقال الملاَّ علىُّ القاري بعد ذكره قول الإمام مالك:
"الاستواء معلوم والكيف مجهول…" قال:
" اختاره إمامنا الأعظم - أي أبو حنيفة - وكذا كل ما ورد من الآيات والأحاديث المتشابهات من ذكر اليد والعين والوجه ونحوها من الصفات. فمعاني الصفات كلها معلومة وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذْ تَعقُّل الكيف فرع العلم لكيفية الذات وكنهها. فإذا كان ذلك غير معلوم؛ فكيف يعقل لهم كيفية الصفات " ا. هـ
تأمل أخي الكريم كلامه: المعاني معلومة وأما كيفيتها فغير معقولة
وقال العلامة محمد أنور الكشميري في العرف الشذي:
" واعلم أن المشابهات مثل نُزول الله إلى السماء الدنيا، واستواءه على العرش، فرأى السلف فيها الإيمان على ظاهره ما ورد إمهاله على ظاهره بلا تأويل وتكييف، ويفوض أمر الكيفية إلى الله تعالى " ا. هـ
فالمعنى الظاهر عند السلف شيء وهو مثبت، والتكييف شيء آخر وهو مفوض، وهذا يقوله الكشميري معترفا لأنه أشعري ماتريدي
وقال الكشميري:
" ودل ماروينا على رغم أنف من قال بأن أبا حنيفة جهمي عياذاً بالله، فإن أبا حنيفة قائل بما قال السلف الصالحون، فالحاصل أن نزول الباري إلى سماء الدنيا نزول حقيقة يحمل على ظاهره ويفوض تفصيله وتكييفه إلى الباري عز برهانه، وهو مذهب الأئمة الأربعة والسلف الصالحين " ا. هـ
تأمل فالتكييف عنده هو تفصيل المعنى
وفيه أن إثبات النزول على حقيقته كما هو ظاهر معناه شيء والتكييف شيء آخر ومع هذا فالكيف يعلمه الله وليس هو بعدم
ـــ ماذا نسمي هذا الذي نقله هذا العالم الأشعري الماتريدي معترفا وعزاه للسلف بما فيهم الأئمة الأربعة؟
هل هو تأويل؟ أم تفويض؟ وإن لم يكن، فما هو وماذا نسميه؟!
وهابية أم تيمية وعليه فالأئمة الأربعة وهابيون تيميون!!
ماذا يريد المخالف أكثر من هذه الاعترافات!!
وقال الإمام الذهبي معقبا على أثر مالك في الاستواء:
" وهو قول أهل السنة قاطبة، أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم، كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نتعمق ولا نتحذلق، لا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف، كما وقف السلف " ا. هـ
فالكيفية تجهل لا تنفى مع أن المعنى معلوم، فالمعنى غير الكيف.
وعلّق الإمام الذهبيُّ على أثر الإمام أبي جعفر الترمذي في إثباته النزول بقوله:
" صدق فقيهُ بغداد وعالمُها في زمانه؛ إذ السؤال عن النزول ما هو؟ عيٌّ؛ لأنَّه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة، وإلاّ فالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والاستواء عباراتٌ جليّةٌ واضحةٌ للسامع، فإذا اتّصف بها من ليس كمثله شيء، فالصفة تابعةٌ للموصوف، وكيفية ذلك مجهولة عند البشر، وكان هذا الترمذي من بحور العلم ومن العباد الورعين " ا. هـ
ففرق بين المعنى المثبت وبين الكيف المجهول عندنا نحن البشر لا عند الله صاحب هذه الصفات
وقال الإمام الشوكاني:
" ومن جملة الصفات التي أمرها السلف على ظاهرها وأجروها على ما جاء به القرآن والسنة من دون تكلف ولا تأويل صفة الاستواء التي ذكرها السائل، يقولون: نحن نثبت ما أثبته الله لنفسه من استوائه على عرشه على هيئة لا يعلمها إلا هو وكيفية لا يدري بها سواه، ولا نكلف أنفسنا غير هذا فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، ولا تحيط عباده به علما، وهكذا يقولون في مسألة الجهة التي ذكرها السائل وأشار إلى بعض ما فيه دليل عليها والأدلة في ذلك طويلة كثيرة في الكتاب والسنة وقد جمع أهل العلم منها لا سيما أهل الحديث مباحث طولوها بذكر آيات قرآنية وأحاديث صحيحة.
وقد وقفت من ذلك على مؤلف بسيط في مجلد جمعه مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي رحمه الله، استوفى فيه كل ما فيه دلالة على الجهة من كتاب أو سنة أو قول صاحب مذهب والمسألة أوضح من أن تلتبس على عارف وأبين من أن يحتاج فيها إلى التطويل " ا. هـ
¥