تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتحقيق: أن الوجوب عندهم برمي جمرة العقبة، وبه جزم ابن رشد وابن العربي وصاحب [الطراز] وابن عرفة، قال ابن عرفة: سمع ابن القاسم إن مات- يعني: المتمتع- قبل رمي جمرة العقبة فلا دم عليه) ابن رشد، لأنه إنما يجب في الوقت الذي يتعين فيه نحره وهو بعد رمي جمرة العقبة فإن مات قبله لم يجب عليه، ابن عرفة، قلت: ظاهره لو مات يوم النحر قبل رميه لم يجب، وهو خلاف نقل النوادر عن كتاب محمد بن القاسم وعن سماع عيسى: من مات يوم النحر ولم يرم فقد لزمه دم، ثم قال ابن عرفة: فقول ابن الحاجب: يجب بإحرام الحج يوهم وجوبه على من

(الجزء رقم: 2، الصفحة رقم: 277)

مات قبل وقوفه، ولا أعلم في سقوطه خلافا، ولعبد الحق عن ابن الكاتب عن بعض أصحابنا: من مات بعد وقوفه فعليه الدم. انتهى من الخطاب.

فأصح الأقوال الثلاثة وهو المشهور: أنه لا يجب على من مات إلا إذا كان موته بعد رمي جمرة العقبة، وفيه قول بلزومه إن مات يوم النحر قبل الرمي، وأضعفها أنه يلزمه إن مات بعد الوقوف بعرفة.

أما لو مات قبل الوقوف بعرفة فلم يقل أحد بوجوب الدم عليه من عامة المالكية، وقول من قال منهم: إنه يجب بإحرام الحج لا يتفرع عليه من الأحكام شيء إلا جواز إشعاره وتقليده، وعليه فلو أشعره أو قلده قبل إحرام الحج كان هدي تطوع فلا يجزئ عن هدي التمتع، فلو قلده وأشعره بعد إحرام الحج أجزأه؛ لأنه قلده بعد وجوبه، أي: بعد انعقاد الوجوب في الجملة. اهـ، وعن ابن القاسم أنه لو قلده وأشعره قبل إحرام الحج ثم أخر ذبحه إلى وقته أنه يجزئه عن هدي التمتع وعليه فالمراد بقول خليل: وأجزأ قبله، أي: أجزأ الهدي الذي تقدم تقليده وإشعاره على إحرام الحج، هذا هو المعروف عند عامة علماء المالكية. فمن ظن أن المجزئ هو نحره قبل إحرام الحج أو بعده قبل وقت النحر فقد غلط غلطا فاحشا.

قال الشيخ المواق في [شرحه]: قول خليل: وأجزأ قبله. ما نصه: ابن عرفة يجزئ تقليده وإشعاره بعد إحرام حجه، ويجوز أيضا قبله على قول ابن القاسم. انتهى.

وقال الشيخ الحطاب في شرحه لقول خليل في [مختصره]، ودم التمتع يجب بإحرام الحج وأجزأ قبله ما نصه: فإن قلت: إذا كان هدي التمتع إنما ينحر بمنى إن وقف بعرفة أو بمكة بعد ذلك على ما سيأتي فما فائدة

(الجزء رقم: 2، الصفحة رقم: 278)

الوجوب هنا. قلت: يظهر في جواز تقليده وإشعاره بعد الإحرام للحج، وذلك أنه لو لم يجب الهدي حينئذ مع كونه يتعين بالتقليد لكان تقليده إذ ذاك قبل وجوبه فلا يجزئ إلا إذا قلد بعد كمال الأركان.

وقال الشيخ الحطاب أيضا: والحاصل: أن دم التمتع والقران يجوز تقليدها قبل وجوبها على قول ابن القاسم، ورواية عن مالك، وهو الذي مشى عليه المصنف، فإذا علم ذلك فلم يبق للحكم بوجوب دم التمتع بإحرام الحج فائدة، لا سيما على القول بأنه لا يجزئه ما قلده قبل الإحرام بالحج، تظهر ثمرة الوجوب في ذلك ويكون المعنى: أنه يجب بإحرام الحج وجوبا غير متحتم؛ لأنه معرض للسقوط بالموت والفوات فإذا رمى جمرة العقبة تحتم الوجوب فلا يسقط بالموت، كما نقول في كفارة الظهار: أنها تجب بالعود وجوبا غير متحتم، بمعنى: أنها تسقط بموت الزوجة وطلاقها، فإن وطئ تحتم الوجوب ولزمت الكفارة ولو ماتت الزوجة وطلقها. إلى أن قال: بل تقدم في كلام ابن عبد السلام في شرح المسألة الأولى: أن هدي التمتع إنما ينحر بمنى إن وقف به بعرفة، أو بمكة بعد ذلك إلى آخره، وهو يدل أنه لا يجزئ نحره قبل ذلك، والله أعلم، ونصوص المذهب شاهدة لذلك.

قال القاضي عبد الوهاب في [المعونة]: ولا يجوز نحر هدي التمتع والقران قبل يوم النحر، خلافا للشافعي، لقوله تعالى: سورة البقرة الآية 196وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.

وقد ثبت أن الحلق لا يجوز قبل يوم النحر، فدل على أن الهدي لم يبلغ

(الجزء رقم: 2، الصفحة رقم: 279)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير