محله إلا يوم النحر، وله نحو ذلك في شرح الرسالة. وقال في [التلقين]: الواجب بكل واحد من التمتع والقران هدي ينحره بمنى، ولا يجوز تقديمه قبل فجر يوم النحر وله مثله في [مختصر عيون المجالس]، ثم قال الحطاب رحمه الله: فلا يجوز الهدي عند مالك حتى يحل، وهو قول أبي حنيفة، وجوزه الشافعي من حيث يحرم بالحج، واختلف قوله فيما بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج.
ودليلنا: أن الهدي متعلق بالتحلل وهو المفهوم من قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ اهـ. منه، وكلام العلماء المالكية بنحو هذا كثير معروف.
والحاصل: أنه لا يجوز ذبح دم التمتع والقران عند مالك وعامة أصحابه قبل يوم النحر، وفيه قول ضعيف بجوازه بعد الوقوف بعرفة، وهو لا يعول عليه، وإن قولهم: إنه يجب بإحرام الحج لا فائدة فيه إلا جواز إشعار الهدي وتقليده بعد إحرام الحج لا شيء آخر فيما نقل عن عياض وغيره من المالكية مما يدل على جواز نحره قبل يوم النحر، كله غلط، إما من تصحيف الإشعار والتقليد وجعل النحر بدل ذلك غلطا، وإما من الغلط في فهم المراد عند علماء المالكية كما لا يخفى على من عنده علم بالمذهب المالكي، فاعرف هذا التحقيق ولا تغتر بغيره.
قال الشافعي: وإذا ساق المتمتع الهدي أو القارن لمتعته أو قرانه فلو تركه حتى ينحره يوم النحر كان أحب إلي، وإن قدم فنحره في الحرم أجزأه من قبل أن على الناس فرضين: فرضا في الأبدان فلا يكون إلا بعد الوقت، وفرضا في الأموال فيكون قبل الوقت إذا كان شيئا مما فيه الفرض، وهكذا
(الجزء رقم: 2، الصفحة رقم: 280)
إن ساقه مفردا متطوعا به، والاختيار إذا ساقه معتمرا أن ينحره بعدما يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل أن يحلق عند المروة، وحيث نحره من فجاج مكة أجزأه، والاختيار في الحج أن ينحره بعد أن يرمي جمرة العقبة وقبل أن يحلق.
وقال الشيرازي: ويجب دم التمتع بالإحرام بالحج، وفي وقت جوازه قولان: أحدهما: لا يجوز قبل أن يحرم بالحج، والثاني: يجوز بعد فسخ الإحرام من العمرة، وقال النووي: ووقت وجوبه عندنا الإحرام بالحج بلا خلاف، وأما وقت جوازه فقال أصحابنا: لا يجوز قبل الشروع بالعمرة بلا خلاف، ويجوز بعد الإحرام بالحج بلا خلاف، ولا يتوقت بوقت كسائر دماء الجبران، لكن الأفضل ذبحه يوم النحر.
وهل تجوز إراقته بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج؟ فيه قولان مشهوران، وحكاهما جماعة وجهين والمشهور قولان وذكرهما المصنف- يريد: الشيرازي في كتابه [المهذب]- بدليليهما أصحهما الجواز.
فعلى هذا هل يجوز قبل التحلل من العمرة؟ فيه طريقان:
أحدهما: لا يجوز قطعا، وهو مقتضى كلام المصنف وكثيرين، ونقله صاحب البيان عن أصحابنا العراقيين، ونقل الماوردي اتفاق الأصحاب عليه.
والثاني: فيه وجهان: أصحهما: لا يجوز، والثاني: يجوز بوجود بعض السبب حكاه أصحابنا الخراسانيون وصاحب البيان.
فالحاصل في وقت جوازه ثلاثة أوجه: أحدها: بعد الإحرام بالعمرة، وأصحها: بعد فراغها، والثالث: بعد الإحرام بالحج.
قال ابن قدامة: أما وقت وجوبه: فعن أحمد أنه يجب إذا أحرم بالحج،
(الجزء رقم: 2، الصفحة رقم: 281)
وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وعنه أنه يجب إذا وقف بعرفة وهو قول مالك واختيار القاضي وقال أبو طالب: سمعت أحمد قال في الرجل يدخل مكة في شوال ومعه هدي- قال: ينحره بمكة، وإن قدم قبل العشر نحره حتى لا يضيع أو يموت أو يسرق وكذلك قال عطاء: وإن قدم في العشر لم ينحره حتى ينحره بمنى، ومن جاء قبل ذلك نحره عن عمرته وأقام على إحرامه وكان قارنا ... انتهى، وقال أيضا: وقد ذكرنا رواية في جواز تقديم الهدي على إحرام الحج. انتهى.
وذكر صاحب [الفروع] رواية عن الإمام أحمد أنه يجب بإحرام العمرة.
وقال صاحب [الفروع] أيضا: أما وقت ذبحه فجزم جماعة منهم [المستوعب] و [الرعاية]: أنه لا يجوز نحره قبل وقت وجوبه، وقاله القاضي وأصحابه: لا يجوز قبل فجر يوم النحو (و، هـ، م) فظاهره يجوز إذا وجب.
أدلة هذا القول:
نظرا إلى اختلاف القائلين بهذا القول في تحديد بدء وقت جواز ذبحه فإننا نذكر أدلة كل قول على حدة مع المناقشة:
¥