تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن ذلك تخطئتهُ للقطر لأنهُ لم يذكر تعدية أَبَثَ بعلى وقد فاتهُ الإبريق للمرأة الحسناءِ فاعجب بهِ من مخطئ فإنه يسوغ لهُ و الحالة هذه أن يخطئ سر الليال وكل كتب اللغة لأن كلاً منها قد ترك من الأصول و الفروع ِ ما لا يحصى، وذكر مواد ربما كانت عند غيرهِ أقل أهمية مما ذكرهُ من ذلك. وقد فاتهُ أن انتخاب المواد يتوقف على رأي المؤلف ونظرهِ ومقاصده لا على استحسان المستحسنين. هذا وإننا قد ذكرنا في مطولنا محيط المحيط ما تشكى محرر الجوائب من مختصرنا على تركهِ إياهُ. ومنهُ قولهُ: إن الأُبَّد ترجع إلى الوحوش لا إلى الدواهي. وقد فاتهُ أن الأُبَّد جمع الأبدة وأن جمع فُعَّل مقيس في وصف صحيح ((اللام)) على فاعل أو فاعلة كالشرَّد و الأُبَّد جمع الشاردة و الأبدة.فلله درهُ من منتقد. ومنهُ قولهُ إن القطر ذكر الأَبَار ولم يذكرها صاحب القاموس.

و الظاهر أنهُ كان على عينيهِ غشاوة عندما طالع مادة ا ب ر في القاموس لأنه ذكر هناك ((الأبار)) بقوله: وأشياف الأبار دواءٌ للعين، ولم يَرهُ حضرتهُ. ومنهُ قولهُ: فقولهُ (أي قول صاحب القاموس) كالمئبرة يرجع إلى إفساد ذات البين خاصة، أه. أي أنهُ لا يطلق على النميمة ولا على موضع الإبرة اعتماداً على ما يفهمهُ من اصطلاح صاحب القاموس. والحال أن المئبرة تطلق على النميمة أيضاً كما صرح بذلك صاحب الصحاح الذي أخذ عنهُ صاحب القاموس حيث قال: و المآبر واحدتها مئبرة و هي النميمة وإفساد ذات البين، أه. وعلى موضع الإبرة بالقياس فلو كان كل ما لم ينص عليه صاحب القاموس غير صحيح كما يستفاد من كلام محرر الجوائب لكان قسم كبير من اللغة غير صحيح، وهذا لا يسلم لهُ بهِ أحد. ومن ذلك قولهُُ في الكلام عن الإبريز: والإبريزي وليس في عبارة القاموس ما يدل على أنهُ معرَّب والأولى أن يكون من معنى البروز، أه. وقد فاته أن المصباح المنير قد نص على أن الإبريز معرَّب بقولهِ: والإبريز الذهب الخالص معرَّب، أه. ولعل صاحب المصباح ثقة عند محرر الجوائب أكثر من صاحب القاموس الذي خطأهُ في مواضع كثيرة. ومن ذلك تخطئته القطر لقولهِ الإبريسم معرَّب ومخالفتهِ للقاموس في ضبطها. وقد فاتهُ أن صاحب المصباح قد ذكر هذا الحرف في فصل ((الباءِ)) مع ((الراءِ)) وجزم بكونهِ معرَّباً. وخالف القاموس في ضبطهِ حيث قال ما نصُّهُ: الإبريسم معرَّب وفيهِ لغات كسر ((الهمزة)) و ((الراءِ)) و ((السين)) وابن السكيت يمنعها. ويقول ليس في الكلام إِفعيلِل بكسر ((اللام)) بل الفتح مثل اهليلج واطريفل، و الثانية فتح الثلاثة، و الثالثة كسر ((الهمزة)) وفتح ((الراءِ)) و ((السين))، أه. وكذلك عبارة صاحب الصحاح حيث قال: و الإبريسم معرَّب وفيه ثلاث لغات و العرب تخلط في ما ليس من كلامها، أه. فليغلطهما محرر الجوائب إذا قدر. والقطر قد وافق القاموس في لغتيهِ و المصباح و الصحاح في الثالثة من لغاتهما، وكذلك القول في تعريب الإبزيم فليراجع كتب اللغة. ومنهُ قولهُ: إن القاموس و الصحاح و المصباح لم يرووا في جمع الإبريق إلاَّ الأباريق يريد بذلك أن جمعهُ على أبارقة هو غير صحيح، ويستفاد من كلامهِ أن كل ما لم ينص عليهِ هؤلاء الأئمة من الجموع هو غير صحيح و الحال أنهم لم ينصوا على كثير من الكلم و الجموع. فإنهم لم ينصوا على جمع إبليس مثلاً بوزن إبريق فهل يذهب حضرتُ إلى أن جمعهُ على أبالس وأبالسة هو غير صحيح. وقد فاتهُ أن ((التاء)) تزداد قياساً في الجمع للدلالة على العجمة أو للتعويض عن الحرف المحذوف كما في جواربه وموازجة وأبارقة و تلامذة وزنادقة وصياقلة و صيارفة، وهلمَّ جرّاً. والظاهر أن معرفة محرر الجوائب في قواعد اللغة قاصرة، ولهذا يُعذَر في تخطئتهِ لما أتى مطابقاً لها وتصويبهِ لما خالفها. فرعياً لهُ من لغويّ صرفيّ نحويّ.

فمما تقدم يُعلم من هو عامل على إفساد اللغة العربية ومنتحل محاسنها للغات العجمية. وقانا الله من أطوارهِ ودعاويهِ العريضة. وفي هذا القدر كفاية الآن. وأما ما بقي من كلامهِ في العدد المذكور الذي كان يمكنهُ أن يجمعهُ في أسطر قليلة لو لم يقصد الإيهام و التمويه بكثرة الكلام فلضيق المقام و الوقت وخوف الملل قد استحسنا أن نؤخر الردَّ عليهِ إلى أن ينتهي حضرتهُ من موالهِ (يعذرنا محرر الجوائب في استعمال هذه الكلمة على خلاف أصلها لأنها صارت كالمَثَل، و الأمثال لا تغير عن مواردها) الذي يبان أنهُ سيكون طويلاً كموال ذلك الإفرنجي ولكن من نغمة واحدة ومعنى واحد. وإذا وجدنا بعد تدقيق النظر أنهُ أصاب في شيء فإننا لا نتردد عن التسليم بهِ وتأدية فريضة الشكر لتلك اليد البيضاءِ التي أتحفتنا به. لأننا لا ندَّعي لنفسنا ولا لشيء من تآليفنا العصمة، لأن العصمة و الكمال لله وحدهُ، فهو حسبنا ونعم الكفيل. على أننا نظن أنهُ بعد اطلاعه على هذا الرد يعدل عن تخطئة ديوان المرحوم الشيخ ناصيف اليازجي ومقاماتهِ ويكتفي بالرد على قطر المحيط أنهُ قد ظهر لهُ ربح من هذه التجارة و انتشر فضلهُ واتساع مادته فنرغب إليهِ أن يداوم عملهُ هذا بالهمة و النشاط لأن العالم مفتقر كل الافتقار إلى تأليف غريب يكون خطأهُ أكثر من صوابه، وليس من يقدر عليهِ إلا حضرة محرر الجوائب الموما إليه.

_

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير