تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن سهولته أنه يستوعب المستجدّات والمتغيرات، ويوظف الأدوات الحديثة للدعوة، من يوم أن كان البريد العادي هو الوسيلة الفعّالة، إلى عصر الإنترنت، حيث دشن موقعه واعتنى به، وأقام حفلاً مشهوداً في منزله؛ حضره كبار المشايخ والعلماء، إلى عصر الفضاء، حيث لم يطل تردده حتى اقتحم عالم القنوات الفضائية، وصار يقدّم البرامج الإعلامية حتى على دروس المسجد إذا تعارضت؛ لما لمس من أثرها , وأدرك صداها على القريب والبعيد، وقد عوّد أقرانه على أن يتقبلوا منه هذا التجرد, ولا يطيلوا التثريب عليه!

ومن سهولته أنه يستمع أكثر مما يتحدث؛ كما وصفه بذلك رفيق دربه معالي الشيخ عبد الله الركبان – حفظه الله-، ولا يرى نفسه أكبر من أن يستفيد، فإذا أُسند إليه الحديث تحدّر كالسّيل، وأقبل كالبحر، يستشهد بالآيات المحكمة، والأحاديث بنصوصها وتخريجها، والشعر العربي الفصيح، وأقوال الفقهاء والأئمة، ومقامات الأدباء، ويتكلم في سائر العلوم؛ وكأنه موسوعة حوت من ألوان المعارف ما يعجب أو يطرب.

شرفني بأن يناقش أطروحتي للدكتوراه، وقرأها خلال فترة وجيزة على تزاحم أشغاله، وقد كنت قضيت فيها وقتاً طويلاً أدرّسها في المسجد ثم أكتبها وأخرجها .. لبضع سنوات .. وحين ناقش كان قرأها مرة حرفاً حرفاً، وصحح واستدرك, حتى شعرت بأنني أصغر وأصغر .. ومع أن هذا بالنسبة لي تخصص علمي، إلا أنه كان ينبّه إلى خطأ في راوٍ، أو وهمٍ في إسناد، أو انتقال ذهن في كتاب، وربما قال: هذا المخطوط الذي أشرت إليه، مطبوع في المكتبة الفلانية بتحقيق فلان .. وقد أدرجت معظم ملحوظاته على الرسالة، لأنها صواب، ولأنها وسام شرف للرسالة وصاحبها.

من المجاهرة بالخير أن أعلن عن حبي العظيم لابن جبرين، ورجائي ربي أن يحشرني وإياه مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يجعل حبي له في صالح عملي، ويمنحني به الزلفى إليه، وسؤالي إياه تبارك وتعالى بحسن ظني به , أن يحقق لنا هناك في الدار الآخرة الوعد الذي لم ينجز في الدنيا , أما ما أنجز من جنسه؛ فقد صار خبراً مضى وانقضى.

فقد أرسل إليّ صديقي د. علي الحماد؛ يعزيني في الشيخ، وقال: كنت عنده قبل مرضه وقلت له: الأخ سلمان مواعدني في الرياض فنريد أن تشرفنا معه يا شيخ؟ فقال: لا بأس بشرط أن يعطيني الأخ سلمان موعداً!

فاللهمّ إني قابل لشرط الشيخ، وسائلك بفضلك العظيم ألا تحول بيني وبينه بذنبي.

اللهم اغفر لابن جبرين، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، اللهم أفسح له في قبره، ونور له فيه، ولا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده.

(وللحديث صلة)

http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-116315.htm

ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[18 - 07 - 09, 03:18 م]ـ

لله أنت! كيف استطعت؟!

بقلم/د. خالد بن سعود الحليبي

كان موكب .. بل مواكب جنازة العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين أسفارا من المعاني الجليلة، فالعظمة لا تصنع من الورق، ولكنها تمنح من يسقيها كأس روحه، ويبنيها بلبنات حياته، حتى إذا لفظ آخر نفس، انتشت تلك السحائب الفياضة، وانسكبت في أرواح الملايين.

ما هذه القوة التي اندفعت في قلوب مئات الآلاف من البشر، حتى أنهضتهم على أقدامهم، وجذبتهم إلى حيث الشيخ المسجى، الذي لا يعرفهم، ولن يعرفهم، حتى إذا استووا صفوفا، خشعت القلوب بين يدي علام الغيوب، وكاشف السرائر، وانهلت الدموع حزنا وحبا!

من المفقود؟ هل هو عبد الله ابن جبرين؟

لا .. بل هو الشيخ الدكتور، والعلامة المفتي، والعالم الرباني الذي كان يحضُّ على طعام المسكين، ويطعمه، والذي كان يعلِّم القرآن ويحفظه، وينشر العلم ويعمل به، والذي انتهت إليه سدة التوقير لأهل العلم الذين صانوه فصانهم، يقول كلمة الحق التي تطأطأ لها أعناق الرجال، ويسعى لبث الخير دون مقابل.

هو الداعية الذي تضاعف إنتاجه وعمله حين بلغ سن التقاعد، الذي يقعد بعده ملايين الناس، فمن يطيق أكثر من أربعين درسا في الأسبوع الواحد؟ ومن يذرع الجزيرة طولا وعرضا وهو في سن الثمانين؟

هو المربي الذي تتلمذ على يديه آلاف الشباب والفتيات من خلال المساجد والشاشات والأشرطة والكتب والفتاوى.

إن الإنسان يعظم قدره كلما اتسع نفعه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير