لصاحب البذر لأنه عَينُ ماله أما ما يعرض عنه غالباً فيجوز التقاطه وما وصل لأرض أخرى فهو لصاحب الأرض الأخرى والأصح أنه يجبر على قلعه لأن المالك لم يأذن في البذار فليس له حكم المستعير ولو ركب دابة أو سيارة وقال لمالكها أعرتنيها فقال أجرتُكَها مدة كذا وكذا أو اختلف مالك الأرض وزارعها كذلك فالمصدق المالك على المذهب أي في استحقاق الأجرة لأن الغالب في الناس الإذن في الانتفاع بمقابل فيحلف يميناً واحدة تجمع نفياً للإعارة وإثباتاً للأجرة.
وكذا لو اختلف مالك الأرض وزارعها كأن قال أعرتني وقال بل غصبت مني فالمصدق المالك على المذهب وقد مضت على الخلاف مدةٌ لمثلها أجرة لأن الأصل عدم الإذن بالاستعمال فإن تلفت العين قبل ردها فقد اتفقا على الضمان ونعلم أن المغصوب يضمن بأقصى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف لكن الأصح أن العارية تضمن بقيمة التلف لا بأقصى القيم ولا بيوم القبض لشبهة الاستعارة فتضمن في أول وقت ضمانها وهو وقت التلف فإن كان ما يدعيه المالك بالغصب أكثر من قيمة يوم التلف حلف للزيادة أنه يستحقها ويحلف لأن غريمه ينكرها.
مسائل:
1 - دفع شاة إلى رجل وقال: أبحت لك درها ونسلها فهي إباحة صحيحة والشاة عارية.
2 - دفع دراهم إلى رجل وقال اجلس في هذا الحانوت واتَّجر فيها لنفسك فالحانوت عارية والدراهم قرض أما لو قال: اجلس في هذا الحانوت واتَّجر والربح بيننا أو أطلق فهر قراض.
3 - أودعه سيارة وقال: إن شئت أن تركبها فاركبها فهي بعد الركوب عارية تضمن وقبل الركوب وديعة لا تضمن.
4 - استعمل المستعير العارية بعد رجوع المعير وهو جاهل بالرجوع لم يلزمه الأجرة أما إذا استعملها بعد الرجوع وهو عالم فهو مغتصب يضمن وعليه الأجرة.
5 - كل عقد اقتضي الضمان لم يغيره الشرط كالمقبوض ببيع صحيح أو فاسد وما اقتضى الأمانة فكذلك كالوديعة والشركة والمضاربة ومن شَرَطَ في العارية نفي الضمان لم يسقط لوجود موجبه فليس ذلك للمالك ولا يملك الإذن فيه لكن لو سامح بعد التلف فهو إبراء جائز.
? كتاب الغصب ?
هو لغة أخذ الشيء ظلماً جهاراً وشرعاً: الاستيلاء على حق الغير عدوناً وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع: أما في الكتاب فقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) البقرة181، وقوله تعالى: (ويلٌ للمطففين).
وأما السنة فروى جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر (إن دماؤكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) رواه الشيخان.
وروى سعيد بن زيد قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طُوِقَه من سبع أرضين)) وأجمع المسلمون على تحريم الغصب.
وقوله حق الحق أي كل ما يختص به غيره ولو لم تكن له مالية كالكلب وجلد الميتة والزبل وحق التحجر وموضع في سوق أو في مسجد وقوله عدواناً أي على جهة التعدي والظلم والغصب من الكبائر إن بلغ المغصوب نصاباً وقال العز بن عبد السلام: الإجماع على أن غصب الحبة وسرقتها كبيرة والأول أصح. أما إذا قصد بالغصب الاستحلال فإن غَصْبَ الصغير والكبير والقليل والكثير كبيرة. فلو ركب دابة أو جلس على فراش فغاصبٌ وإن لم يَنْقُل ذلك ولم يقصد الاستيلاء لحصول الغاية المطلوبة من الاستيلاء وهي الانتفاع على وجه التعدي ولو دخل داره وأزعجه عنها أي أخرجه منها فغاصب وإن لم يقصد الاستيلاء لأن وجوده يغني عن قصده على أن يكون دخوله على هيئة من يقصد السكنى أو أزعجه أي أخرجه منها وقهره على الدار أي منعه التصرف فيها ولم يدخل فغاصب وسواء قصد الاستيلاء أم لم يقصد لأن وجوده يغني عن قصده وفي الثانية وجه واهن أي فيما إذا أزعجه وقهره ولم يدخل ففي قول ضعيف أنه ليس بغاصب والمشهور أنه غاصب ولو سكن بيتاً أي حجره من الدار أو لم يسكنها ومن المالك منه دون باقي الدار فغاصب للبيت فقط لأنه قصد واستولى على البيت دون الدار ولو دخل بقصد الاستيلاء وليس المالك فيها ولا من يخلفه من أهل ومستأجر ومستعير وصديق وحارس فغاصب وإن كان الداخل ضعيفاً والمالك قوياً حتى لو انهدمت حينئذ ضمنها وإن كان المالك فيها أو نحوه ودخل بقصد الاستيلاء ولم يزعجه عنها فغاصب لنصف الدار لاجتماع يدهما على الدار فيكون الاستيلاء لهما معاً وبهذا يعلم أنه لو غصب عددٌ داراً لكان كل واحدٍ
¥