تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلا يصح الوقف على جنين لعدم صحة تملكه ولا الوقف على الميت لأنه لا يملك ولا على العبد لنفسه لأن العبد لا يملك سواء في ذلك عبده وعبد غيره فلو أطلق الوقف عليه فهو وقف على سيده كما في الهبة والوصية لأن ماله لسيده ولو أطلق الوقف على بهيمة لغا لاستحالة ملكها وقيل هو موقوف على مالكها كالوقف على العبد وهو بعيد لاستحالة تملكها بكل حال. أما العبد فيملك بتمليك سيده له، أما لو قال: وقفت على علفها فهو لمالكها. فإن ماتت فإن قصد مالكها كان الوقف عليه وإلا بطل الوقف أما لو وقف على الدواب في سبيل الله فوقفه صحيح وتصرف لكل الدواب المعدة للجهاد وسد الثغور ويصح الوقف من مسلم أو ذمي على ذمي معين لأن الوقف كصدقة التطوع فهي جائزة على الذمي بشرط أن لا يظهر من الوقف عليه قصد معصية كحرمان المسلمين أو لأنه كان يسقيه خمراً أو قال لخادم الكنيسة فالوقف في هذه الأحوال باطل.

لا مرتد وحربي لأن الوقف صدقة جارية والأصل أنه لا بقاء للمرتد والحربي بمال لهدر دمهما بكفرهما ولا وقف للشخص على نفسه في الأصح لأن منافع الموقوف له وهو لا يملكه أصلاً.

وإن وقف على جهة معصية كعمارة الكنائس فباطل وغيرها من متعبدات الكفار لأن ذلك إعانة على المعاصي ويمنع الوقف على حُصُرِهَا أو قناديلها أو خدّامها أو كُتّاب التوراة أو لطباعة الإنجيل أما لو تحولت الكنيسة إلى نزل للمارة يسكنون فيها وينامون فأصبح حكمها حكم الرباط في هذه الحالة لا حكم الكنيسة ويحرم الوقف في السلاح على قطاع الطرق والظلمة وأكلة الحرام بالبغي على الناس أو وقف على جهة قربى أي يظهر فيها قصد القربة كالفقراء والعلماء وهم حيث أطلقوا فعلماء الشرع والمساجد والمدارس والكعبة والجسور وتجهيز الموتى صح لعموم أدلة الوقف ولا اعتبار لكونه على جماد لأن النفع عائد على المسلمين أو وقف على جهة لا تظهر فيها القربة كالأغنياء صح في الأصح فتجوز الصدقة على الأغنياء والذي يحب أن يراعى في الوقف انتفاء المعصية والغنيّ هو من تحرم عليه الزكاة ولا يصح الوقف إلا بلفظ كسائر أنواع التمليك وصريحه كل ما اشتق من لفظ الوقف نحو وقفت كذا على كذا أو أرضي أو داري موقوفة عليه لاشتهار الكلمة لغة وعرفاً والتسبيل والتحبيس صريحان أيضاً والمشتق منهما على الصحيح لورود ذلك في الشرع فقد قال صلى الله عليه وسلم لعمر: (حَبِّس الأصل وسَبِّل الثمر). وقال صلى الله عليه وسلم: (وأما خالد فقد احتبس أدراعه) ولو قال: تَصَدَّقْتُ بكذا صَدَقَةً مُحرَّمة أو صدقة موقوفة أو صدقة لا تباع ولا توهب فصريح في الأصح لأنه أضاف مع لفظ التصدق قرائن لا تحتمل غير الوقف ذكر ذلك الشافعي في الأم وقوله: تصدّقتُ فقط ليس بصريح في الوقف وإن نوى فهو ليس من ألفاظ الوقف ولا من كناياته إلا أن يضيف إلى جهة عامةٍ كتصدقت بهذا على الفقراء وينوي الوقف فيصير كنايةً وقد نواه فهو صريحٌ في التمليك بلا عوض والأصح أن قوله: حَرّمته أي للمساكين مثلاً أو أبّدته ليس بصريح لأنه لا يستعمل مستقلاً فلا بد من تأكيده وكذلك قوله: أخرجته عن ملكي فهو ليس بصريح في الوقف والأصح أن قوله جعلت البقعة مسجداً تصير به مسجداً من غير نيّةٍ لأن المسجد لا يكون إلا وقفاً وكذلك قوله: وقفته للاعتكاف أو قوله: جعلته لله تعالى أو قوله: جعلته للصلاة والأصح أن الوقف على معيّن واحد أو جماعة يشترط فيه قبوله متصلاً بالإيجاب لأن الوقف كما قلنا هو تمليك ولو ردَّ بطل حقه من الوقف شرطنا القبول أم لا كالوصية والوكالة أما لو وقف على جهة عامة وهي غير المعينين كأن وقف على الفقراء أو على المسجد أو على الرباط أو على الثغور أو لإصلاح الطرق أو لبناء المدارس صح الوقف ولا يشترط القبول جزماً ولو قال: وقفت هذا سنةً فباطلٌ لأن شأن الوقف التأبيد أما إذا أعقبه بمصرف آخر كأن قال: وقفت على زيدٍ سنةً ثم على الفقراء من بعده صح ووجب مراعاة شرطه ولو قال: وقفتُ على أولادي أو على زيد ثم نسله ولم يزد فالأظهر صحة الوقف لأن مقصودَ الوقفِ القربةُ والدوامُ فإذا بيّن مصرفه ابتداءً سهل إدامته على سبيل الخير ويُسمَّى هذا الوقف منقطع الآخر لأنه ذكر زيداً ثم نسله فقط فإذا انقرض المذكور فالأظهر أنه يبقى وقفاً لأن الوقف للدوام كالعتق وأن مصرفه أقرب الناس إلى الواقف يوم انقراض المذكور والمقصود

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير