تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التقاط المنبوذ أي أخذه فرض كفاية لقوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) المائدة32. صيانة للنفس المحترمة عن الهلاك ويجب الإشهاد عليه في الأصح أي الإشهاد على التقاطه لئلا يسترق ويضيع نسبه وإنما تثبت ولاية الالتقاط أي الحضانة له وحفظه لمكلّفٍ حرٍّ ذكر أو أنثى ولو كان فقيراً مسلمٍ إذا حكمنا بإسلام اللقيط عَدْلٍ لأنها ولاية فاعتبر فيها أوصاف الولاية كالقضاء رشيدٍ كما هو سائر الولايات ولو التقط عَبْدٌ بغير إذن سيده انتزع منه أي ينتزع اللقيط من العبد لأن الحضانة تبرُّعٌ والعبد ليس من أهلها فإن علمه فأقرّه عنده أو التقط بإذنه فالسيد الملتقط والعبد نائبه في الأخذ والتربية ولو التقط صبيٌّ أو فاسقٌ أو محجورٌ عليه بسفهٍ أو كافرٌ مسلماً انتزع منه لأن الصبي والفاسق وأيضاً المجنون والمبذر غير مأتمنين شرعاً كما أنه ليس للكافر ولاية على المسلم ولو ازدحم اثنان كل منهما أهل للالتقاط على أخذه بأن يقول كل واحدٍ منهما: أنا آخذه جعله الحاكم عند من يراه منهما أو من غيرهما لأنه لا حقّ لأحدٍ منهما فيه قبل أخذه فيفعل الحاكم الأنفع له وإذا سبق واحدٌ فالتقطه منع الآخر من مزاحمته لخبر أبي داود (من سبق إلى ما لم يَسْبِق إليه أحدٌ فهو أحق به). وإن التقطاه معاً وهما أهل لحفظه وحفظ ماله فالأصح أنه يقدّم غنيٌّ على فقير لأنه الأحظ للقيط ولأن الغني قد يواسيه بماله وعدْلٌ على مستورٍ حفظاً للقيط فإن استويا في الصفات المعتبر ولم يأذن أحدهما للآخر في أخذه أقرع بينهما وليس لمن خرج حقه في القرعة ترك حقه بخلاف قبل القرعة كما اقترعت الأحبار على كفالة مريم قال تعالى: (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) آل عمران44. وإن وَجَد بلدي لقيطاً ببلدٍ فليس له نقله إلى بادية لخشونة عيشها وموات العلم والدين والصنعة على اللقيط والأصح أن له نقله إلى بلدٍ آخر لعدم وجود المحذور السابق والأصحُّ أن للغريب إذا التقط ببلدٍ أن ينقله إلى بلده وقيل: لا ينقل مخافة ضياع نسبه لأن اللقيط إنما يبحث عنه حيث فُقِدَ غالباً وإن وجده أي البلدي بباديةٍ فله نقله إلى بلدٍ لأنه أرفق به وأنفع له وإن وجده بدوي ببلدٍ فكالحضري أي فليس له نقله إلى بادية وله نقله إلى بلدٍ آخر في الأصح أو وجده البدوي ببادية أُقِرَّ بيده وإن كان أهل حِلَّته ينتقلون وقيل: إن كانوا ينتقلون للنجعة أي ينتقلون طلباً للمرعى والماء لم يُقَرَّ في يده لما فيه من تعريض نسبه للضياع ونفقته في ماله العام كوقفٍ على اللقطاء أو الوصية لهم ويجوز الوقف على جهة معينة كأبناء السبيل والمساكين والغزاة وبناء القناطر واللقطاء بخلاف الأفراد أو الخاص وهو ما اختصَّ به كثيابٍ ملفوفةٍ عليه أو ملبوسةٍ له ومفروشةٍ تحته ومغطى بها وما في جيبه من دراهم وغيرها كذهب وحُلِيٍّ وما في مهده وهو سريره الذي هو فيه ودنانير منثورةٍ فوقه وتحته لأن له يداً واختصاصاً كالبالغ لأن الأصل الحرية ما لم يعرف خلافها وإن وجد في دارٍ فهي له إن لم يكن فيها غيره لوجود يده عليها ولا مزاحم له فيها وليس له مال مدفون تحته وكذا ثياب وأمتعةٌ موضوعة بقربه لأن ما كان تحته لا يمكن أن يحكم له به إلا إذا كانت البقعة له والكبير إذا كان جالساً على أرض تحتها دفين لم يحكم له به وأما الأمتعة فلا تثبت يد اللقيط عليها إلا إذا كانت متصلة به فإن لم يعرف له مالٌ فالأظهر أنه ينفق عليه من بيت المال من سهم المصالح فإن لم يكن في بيت المال شيء قام المسلمون بكفايته قرضاً أي على جهة القرض كما يلزمهم إطعام المضطر بالعوض وفي قوله نفقة فلا يرجعون بها عليه لعجزه لأن كفايته من فروض الكفاية وللملتقِط الاستقلال بحفظ ماله أي مال اللقيط في الأصح لأنه يستقل بحفظ المالك فالمال أولى ولا يُنْفِقُ عليه منه إلا بإذن القاضي قطعاً لأن الملتقِط ليس له حق الولاية على المال فولاية التصرف في المال لا تثبت إلا لأصل أو وصي أو حاكم أو أمينه فإن أنفق بغير إذن القاضي ضمن.

? فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها ?

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير