تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أخذت أنظر إلى أبي ودموعه تسيل على خديه .. وهو يرى أولاده يموتون بين يديه .. فأخي خالد توفي في حادث سيارة قبل سنتين .. وأخي عبد الرحمن يصارع الموت في أمريكا .. وأنا في أول طريق لا تعرف نهايته ..

التفت أبي إلى الطبيب .. وحاول أن يتجلد وهو يسأله عن خطورة المرض .. لكن عاطفة الأبوة كانت أقوى .. فبدأت الدموع تسيل من عينيه ..

قال الطبيب: لا تحزن يا أبا عبد الله .. الأمر سهل إن شاء الله .. اطمئن ..

قال أبي: يا دكتور .. نريد أن تعطينا الأوراق والفحوصات الخاصة بعبد الله وسوف يسافر إلى أمريكا .. يعالج هناك مع أخيه ..

السفر إلى أمريكا

وافق الطبيب على ذلك .. أخذ أبي الأوراق .. وتمت الحجوزات بسرعة .. وسافرت إلى أمريكا مع أخي عبد العزيز ..

وصلنا إلى المستشفى مساء .. عملوا لي التحليلات والفحوصات اللازمة ..

كل شيء تم بسرعة ..

وفي الصباح أدخلوني غرفة العمليات .. كم هي غرفة مفزعة .. أجهزة هنا

وهناك .. سكاكين ومقصات ومشارط .. كأني في مشرحة.

وجوه واجمة .. وأعين تنظر إليك بتلهف كأنما تريد أن تفترسك ..

أيدي الأطباء تألف الدماء .. لا أتصرف في نفسي بل هم يتصرفون في كيفما شاءوا .. حملوني (نعم حملوني حملاً) من على السرير المتحرك إلى سرير العمليات ..

بسم الله .. لا إله إلا الله .. ذكرت الله ذكراً كثيراً ..

بقيت أنتظر بداية العملية .. وأتأمل في وجوه من حولي ..

رفعت يدي إلى رأسي أتحسسه .. مسكين يا رأسي!! كيف سيكون حالك بعد قليل .. وقف الممرضون ينتظرون .. يظهر أن الطبيب الذي سيباشر العملية لم يصل بعد .. فجأة فتح باب غرفة العمليات ودخل رجل لا ترى منه إلا عينيه .. صافحني بلطف .. ثم أشار إلى أحدهم فجأء بإبرة كبيرة (إي والله كبيرة) ثم طعن بها فخذي فكان آخر عهدي بالدنيا .. دخلت في غيبوبة تامة.

حلق الطبيب شعر رأسي .. ثم قطع فروة رأسي على هيئة دائرية .. ثم بدأ ينشر عظم الجمجمة .. حتى نزع أعلاها .. ووضع العظم بجانبه .. ولم يكن حجم هذا العظم صغيراً .. كان بحجم الصحن الصغير ..

ثم اخرج الورم ... وكان أكبر من البيضة بقليل ..

الأمور تسير على ما يرام ..

وفجأة اضطرب الدم في عروق الدماغ .. ثم توقف الدم في الشرايين وأصابتني جلطة في الدماغ ..

فاضرب الطبيب وحرّك – خطئاً – الأعصاب المتصلة بالمخيخ فأصابني شلل نصفي في الجزء الأيسر من جسمي ..

فلما رأى الطبيب ذلك أنهى ما تبقى من العملية بسرعة .. وسارع إلى إرجاع عظم الجمجمة إلى مكانه .. وغطى بالجلد فوقه .. وخيّط المكان ..

ثم حملوني من على سرير العملية وألقوني فوق السرير المتحرك .. وساقوني إلى غرفة العناية المركزة التي يسمونها غرفة ال (إن عاش)

مكثت بعد العملية في غيبوية تامة لمدة خمس ساعات ..

وفجأة أصابتني جلطة في الرجل اليسرى .. فحملوني سريعاً إلى غرفة العمليات وفتحوا صدري ووضعوا لي فلتراً صغيراً على أحد شرايين القلب .. ثم أعادوني إلى غرفة ال (إن عاش) استقرّت حالتي أربع ساعات .. ثم أصبت بنزيف شديد في الرئة .. !! ..

حملوني للمرة الثالثة – أو لعلها الرابعة – إلى غرفة العمليات وفتحوا صدري مرة أخرى ونظفوا الرئة من الدم .. وعالجوا النزيف .. ثم أعادوني إلى غرفة ال (إن عاش) .. ضاق الطبيب بأمري ذرعاً .. أمراض متتابعة .. حالة متقلبة .. مفاجآت لا آخر لها .. استقرّت حالتي أربع وعشرين ساعة .. أحس الطبيب بشيء من الانتعاش والسرور. وفجأة بدأت حرارة جسدي ترتفع بشكل مخيف ..

أجرى الطبيب فحصاً سريعاً عليّ .. فاكتشف بعد الفحص الدقيق أن العظم الذي استخرج الورم من تحته قد أصابه التهاب شديد .. ولا بدّ من إخراجه وتعقيمه .. قبل أن يؤدي إلى تسمم في الدماغ!!

غرفة العمليات

استدعى الطبيب فريق العمليات .. ثم حملوني كالجنازة .. وألقوني على سرير في غرفة العمليات ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير