يطردوهما إن رأوهما يلتزمون الصلاة في أوقاتها، وأنهما سيصليان في المنزل جمعاً بين الصلوات!! "، قال أبو إكرام " كنت أصلي قبل مجيئكم خلف الباب،- أي مستخفي - ولكن بعدما منَّ الله علينا بمجيئكم فها أنا أصلي معكم، ولكن بالنسبة للعرب المسلمين، الوضع مختلف، فقد يطردون بسبب الصلاة معنا!! "، ونقل لنا أبو إكرام صورة مصغرة عن التمييز العنصري ضد المسلمين هناك في فرنسا، فأسأل الله أن يعين إخواننا هناك، وأن يثبتهم على الإيمان والصراط والمستقيم، فهم والله بحاجة للدعاء.
إن وجود المسلم في بلاد المسلمين، يجعله عزيزاً بدينه، ولكن عندما يكون في مجتمع كافر، يملأ الخوف قلبه، يكون خاضعاً، ذليلاً، مما يجعله يبتعد عن دينه قليلاً .. قليلاً، وهذا هو وضع المسلمين في مجتمع الكفر، إلا من رحم الله، فعلى المسلم أن يخرج من هذه المجتمعات وأن يتجه للعيش في المجتمعات المسلمة، حفظاً على نفسه ودينه، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لأنه إن نجا هو، لم ينج أبناؤه من الانسلاخ من الدين، والله المستعان.
كانت قصة أبي إكرام، عادية، لا توجد فيها معجزات ولا كرامات، ولكنها قصة تثبت أن الإسلام ينتشر بقوة في البلاد التي تحاربه بقوة،وأنه مهما حاربه الآخرون وروجوا عنه الشبهات سيأتي من يعتنقه ويحبه، ويدافع عنه، حدث نقاش بين أخينا أبي إكرام وأحد المهندسين في الشركة، قال هذا المهندس: " إنكم يا مسلمون دائماً تتحدثون عن الإسلام! "، رد عليه أخونا أبو إكرام قائلاً: " نعم، لأن ديننا يأمرننا بأن نتمسك به في جميع أمور الحياة، ونتبعه، أما أنتم بإمكانكم ألا تفعلوا شيئاً من أمور دينكم، وتظلون تقولون نحن نصرى، أما نحن فلا، فديننا منهج حياة ".
وقصة أبي إكرام تثبت أن الإسلام يأسر القلوب، وينتشر إذا لم يضع الكافر الحواجز ويسد الآذان ومن كان حالهم كمن قال الله تعالى عنهم: " وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ " فصلت 5
نعم هي قصة عادية، نستفيد منها بأن لا نحقرن من المعروف شيئاً، فانظر إلى تأثير هذا الكتيب، فإن علينا هداية الإرشاد والدلالة، ومن الله هداية التوفيق، فما كان من " نور الدين " إلا أن أهداه كتاب، وانظروا أنتم إلى النتيجة، ولأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.
وكنتُ قد ذكرتُ أن لأخينا المغربي قصة جميلة ذكرها أبو إكرام، عندما زار أبو إكرام المكتبة التي كان يعمل بها " نور الدين "، أهداه " نور الدين " كتاباً، فما كان من صاحب المكتبة إلا أن قال لـ" نور الدين ": أنت هنا لبيع الكتب وليس للدعوة!!
هل وقف " نور الدين " وخفض رأسه؟! لا وألف لا، ولكنه الإيمان، فالمؤمن قوي بإيمانه، إن تركه أو ضعف، ضاع واستكان وأصبح ذليلاً.
قال " نور الدين ": هذه استقالتي!!، تفاجأ صاحب المكتبة بالرد!!
وخرج " نور الدين" حاملاً في قلبه " من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه "، فافتتح مكتبة إسلامية صغيرة، رزقه الله منها الشئ الكثير، وافتتح من ريعها مطعماً وتوالت الأرباح، ويُقدِّر الله أن تخسر المكتبة الأخرى التي كانت عاملاً فيها لا مالكاً وهذا أمر الله، له الحكمة البالغة والحمد لله أولاً وأخيراً
وبعد انقضاء الشهر وقبل رجوعنا، جلستُ مع أبي إكرام، نتجاذب أطراف الحديث، شاكراً له حسن معاملته وضيافته، وإثناء حديثنا صعقني بجملة قائلاً: " الآن سنرجع نصلي خلف الباب "، يالله، ثبتك الله يا أبا إكرام وغفر لك.
كان أبو إكرام محباً للخير محباً للإسلام والمسلمين، قال أحد أصحابنا: " إسلامه أحسن من إسلامنا "، لما لمسنا منه حب الخير والسنة والإتباع، كان يحثنا للشراء من محلات المسلمين، ودائماً ينصحنا بعدم شراء كوكا كولا، ويقول عليكم بمكة كولا، دعماً للمسلمين، كان أبو إكرام مثالاً للمسلم العامل، وإن كان عمره ثلاث سنوات إسلامية.
¥