تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كنا نسمع عن الصحابي الجليل سلمان الفارسي، رضي الله عنه، الباحث عن الحقيقة، كيف عانى، وسافر، بحثاً عن الحقيقة، حتى هداه الله للإسلام، ونال مكانته، وصار قدوة لمن يبحث عن الحقيقة في كل زمان بعده.

وأبو إكرام الفرنسي، ترعرع في مجتمع علماني، ليس للدين مكان فيه، ترعرع في بيت نصراني، في أعماق أوروبا، قائدة الحروب الصليبية، ظلمات بعضها فوق بعض، ولكنه هدى الله يهدي به من يشاء من عباده، فسبحان الله من هدى أبو إكرام للإسلام.

كنتُ في زيارة عمل لشركة في فرنسا مع زملائي في العمل، تلك البلاد التي اشتهرت بمحاربة الحجاب، وتعرفتُ في رحلتي تلك بأخ مسلم فرنسي، وُلِدَ في منطقة جونفيل – أعتقد هكذا اسمها – لأبوين نصرانيين، انتقل إلى ليون، وبدأ يتردد على مكتبة يعمل فيها مسلم مغربي اسمه " نور الدين " - الذي كانت له قصة جميلة سأذكرها في نهاية المقال -، وهنا بدأت علاقته بالإسلام تتقوى، كان ينظر للإسلام بأنه دين خطر، وأن المسلمين مجانين الله وذلك لعبادتهم الدائمة لله، كان بلال قبل إسلامه ملحد.

كان أخونا المغربي ينصحه بقراءة بعض الكتب، وكان على صلة به، وكلما أشكل عليه شئ رجع إليه يستفسر، وكان أول كتابة قرأه عن الإسلام كتاب عن دراسة الإسلام لمؤلف من بخارى – لم أطلع عليه -، وكانت هذه حاله حتى وقع كتاب يتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم " " 1000 إعجاز علمي في القرآن الكريم "، وكعادته صار يقرأ الكتاب، حتى وصل إلى " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ "، فأصابته دهشة، كيف لرجل يعيش قبل أكثر من 1400 سنة في الجبال، يعرف ذلك، ولم نتوصل لها إلا باستخدام المعدات الجديدة، فذهب وتوضأ، وهو لم يسلم بعد، ولكنه كان يعتقد إنه يجب أن يتوضأ إذا أراد أن يمسك القرآن، ففتح ترجمة للقرآن باللغة الفرنسية ليتأكد من ذلك، نعم هذا صحيح، يقول: فذهلت، وأغلقت الكتاب، نعم لا أريد أن أفتحه، وأردت أن أنسى، ولمدة أسبوعين، وأنا أعاني من الخواطر، لا يذهب الأمر عني، حاولت أن أنسى، ولكن لا جدوى، فأصبح أمامي طريقين، طريق للجنة أعرف ما أريد من هذه الدنيا، وطريق إلى النار لا أدري إلى أين سأذهب؟!

وكان لديه صديقين آخرين، أخ سنغالي وآخر تونسي، فذهب إليهما، وقال لهما: أريد أن أصلي، فعلت الدهشة وجوههما، نعم أريد أن أصلي، وهو لم يسلم بعد، ولكنه أراد أن يصلي فقط، فبعدما توضأ، علماه الصلاة، وأسلم بعد ذلك بتاريخ 24/يناير 2001 وعمره آنذاك 24 سنة، وتزوج تونسية وأنجب منها إكرام تلك الطفلة الجميلة – أسأل الله يبارك فيها -، وعندما سألته عن انطباع أهله قال لي: أما أمي فبكت، وأما أبي فلم يقل شيئاً.

وسألته: " ما هو شعورك عند سجودك أول مرة؟ " قال لي: " أحسست في بادئ الأمر بثقل الأمر علي، كيف أضع وجهي على الأرض، فتنازعتني قوتان، إحداهما لا تُريدني أن أسجد، والأخرى تدعوني للسجود، ولأني كنت أريد الصلاة، فكان لابد لي من السجود، وبعدها وجدت أن الأمر سهل، فها أنا أضع وجهي الذي أكرمني الله به على الأرض ليس لأي أحد، ولكنه لله الذي رزقنيه، فأحسست بالذل والخضوع لله، وهكذا ينبغي أن يكون المرء مع ربه "

عند وصولنا لفرنسا، طلبنا من الشركة تهيئة مكان لنا للصلاة فيه، كنا نجتمع في أوقات الصلاة، للصلاة والحديث، وكان يصلي معنا أبو إكرام، الذي لمسنا من خلال وجودنا معه حبه للسنة، وكان يفضي على جو الجلسات روح المحبة والمرح، وعندما سألناه " أنت مختلف عن باقي الفرنسيين، نرى من حولنا من الفرنسيين متجهمين، عبوسين، لا يتمتعون بروح المرح التي تتمتع بها أنت، فلم؟ " قال لنا: " إنه الإسلام الذي غيّرني!! "، لقد أحببناه جميعنا، ودعونا له بالثبات، حرصه على الخير وعلى تعلم القرآن والاستفسار عن بعض الأمور الفقهية، دليل على إخلاصه فأسأل الله الثبات لنا وله، وكان معنا في العمل في موقع الشركة مسلميْن، مغربي وتونسي، ولكن ما كنا نستغربه حقاً أنهما لا يحضران الصلاة معنا، وعندما سألنا أحدهم أخبرنا: " بأن الفرنسيين قد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير