ـ[أبو سهيل]ــــــــ[05 - 11 - 2007, 03:17 ص]ـ
قال الزركشي في البرهان
الخامس: إفراد ما أصله أن يجمع
كقوله تعالى (إن المتقين في جنات ونهر) قال الفراء الأصل الأنهار وإنما وحد لأنه رأس آية فقابل بالتوحيد رءوس الآي ويقال النهر الضياء والسعة فيخرج من هذا البالب.
وقوله (وماكنت متخذ المضلين عضدا) قال ابن سيده في المحكم: أي أعضادا ثم وإنما أفرد ليعدل رءوس الآي بالإفراد والعضد المعين
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[05 - 11 - 2007, 03:19 ص]ـ
نص مهم من خزانة الأدب
الشاهد الخامس والسبعون بعد الخمسمائة
وهو من شواهد س: الوافر
كلوا في بعض بطنكم تعفوا ... فإن زمانكم زمنٌ خميص
على أن فيه قيام المفرد مقام الجمع، وهو بطونكم، لأنه يريد: بطن كل واحد منهم.
وظاهره أنه غير ضرورة. ونص سيبويه على أنه ضرورة.
قال سيبويه في مسائل التمييز من باب الصفة المشبهة من أوائل الكتاب: قال بعضهم في الشعر، ما لا يستعمل في الكلام. قال علقمة بن عبدة: الطويل
به جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيضٌ وأما جلدها فصليب
وقال: الرجز
لا تنكروا القتل وقد سبينا ... في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
إلى أن قال: ومما جاء في الشعر على لفظ الواحد يراد به الجمع:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا ... . . . . . . . . . . . . . البيت
وقوله: " به جيف الحسرى: إلخ، هو جمع حسير، وهي الناقة التي أعيت، من الإعياء والكلال.
قال الأعلم: وصف طريقاً بعيداً شاقاً على من سلكه. و الصليب: اليابس، وقيل: هو الودك. أي: قد سال ما فيه من رطوبةٍ لإحماء الشمس عليه.
يقول: أكلت السباع ما عليها من اللحم فتعرت، وبدا وضح العظام.
وقوله: " لا تنكروا القتل " إلخ، قال الأعلم: وصف أنهم قتلوا من قومٍ كانوا قد سبوا من قومه، فيقول: لا تنكروا قتلنا لكم، وقد سبيتم منا، ففي حلوقكم عظمٌ بقتلنا إياكم، وقد شجينا نحن، أي: غصصنا بسبيكم لمن سبيتم منا. والبيت للمسيب بن زيد مناة الغنوي.
وقوله: " كلوا في بعض " إلخ، قال الأعلم: وصف أنهم قتلوا من شدة الزمان وكلبه، فيقول: كلوا في بعض بطونكم ولا تملؤوها حتى تعتادوا ذلك تعفوا عن كثرة الأكل وتقنعوا باليسير، فإن الزمان ذو مخمصة وجدب.
والشاهد أنه وضع الجلد موضع الجلود، والحلق موضع الحلوق، والبطن موضع البطون؛ لضرورة الشعر.
ونقل ابن السراج كلام سيبويه في باب التمييز، وتبعهما ابن عصفور في كتاب ضرائر الشعر.
وذهب الفراء في تفسيره إلى أنه جائزٌ في الكلام غير مختصٍّ بالشعر. وقد تقدم النقل عنه قبل هذا ببيتين.
وقال أيضاً في تفسير سورة النحل عند قوله تعالى: " يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمائل "، قال: وحد اليمين وجمع الشمائل، وكل ذلك جائزٌ في العربية.
قال الشاعر: الطويل
بفي الشامتين الصخر إن كان هدني ... رزية شبلي مخدرٍ في الضراغم
ولم يقل بأفواه الشامتين.
وقال الآخر: البسيط
قد عض أعناقهم جلد الجواميس
ولم يقل جلود.
وقال آخر: الطويل
فباست بني عبسٍ وأستاه طيئٍ ... وباست بني دودان حاشا بني نصر
فجمع ووحد.
وقال آخر:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا ... فإن زمانكم زمنٌ خميص
وجاز التوحيد لأن أكثر الكلام يواجه به الواحد، فيقال: خذ عن يمينك وعن شمالك؛ لأن المكلم واحد والمتكلم كذلك، فكأنه إذا وحد ذهب إلى واحدٍ من القوم. وإن جمع فهو الذي لا مسألة فيه. انتهى.
وتبعه جماعة منهم ابن جني في المحتسب قال في سورة المؤمنين: قرأ: " عظماً " واحداً " فكسونا العظام " جماعةً: السلمي، وقتادة، والأعرج، والأعمش، واختلف عنهم.
وقرأ: " عظاماً " جماعةً " فكسونا العظم " واحداً: مجاهدٌ.
قال أبو الفتح: أما من وحد فإنه ذهب إلى لفظ إفراد الإنسان والنطفة والعلقة. ومن جمع فإنه أراد أن هذا أمرٌ عامٌّ في جميع الناس.
وقد شاع عنهم وقوع المفرد في موضع الجماعة، نحو قول الشاعر:
كلوا في نصف بطنكم تعفوا
وقال آخر:
في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
وهو كثير، وقد ذكرناه. إلا أن من قدم الإفراد ثم عقب بالجمع أشبه لفظاً، لأنه جاور بالواحد لفظ الواحد الذي هو إنسان، وسلالة، ونطفة، وعلقة، ومضغة، ثم عقب بالجماعة، لأنها هي الغرض. ومن قدم الجماعة بادر إليها، إذ كانت هي المقصود، ثم عاد فعامل اللفظ المفرد بمثله.
والأول أجرى على قوانينهم. ألا تراك، تقول: من قام وقعدوا إخوتك، فيحسن لانصرافه عن اللفظ إلى المعنى.
¥