تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا"نوح، "فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ"القمر، إلى أن أرسل الله الحكَمُ تقدّس اسمه إبراهيم عليه السلام، وبوّأ له مكان البيت العتيق، "وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا .. "، وأمره ببنائه، فجاء فيما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، " .. قَالَ ثُمَّ اِنَّهُ بَدَا لاِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لاَهْلِهِ اِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي. فَجَاءَ فَوَافَقَ اِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، يُصْلِحُ نَبْلاً لَهُ، فَقَالَ يَا اِسْمَاعِيلُ، اِنَّ رَبَّكَ اَمَرَنِي اَنْ اَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا. قَالَ اَطِعْ رَبَّكَ. قَالَ اِنَّهُ قَدْ اَمَرَنِي اَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ. قَالَ اِذًا اَفْعَلَ. اَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ فَقَامَا فَجَعَلَ اِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَاِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولاَنِ "رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " قَالَ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَلَى نَقْلِ الْحِجَارَةِ، (فَقَامَ عَلَى حَجَرِ المَقام)، فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولاَنِ "رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ".

وفي الحديث إشارة لما ذهبنا إليه، أن المقام هو ما تثبت وتقوم عليه، فارتبط المعنى الذي قصدناه بالمعنى الفعلي والعملي، فذكر في الحديث أن المقام هو الذي قام عليه إبراهيم عليه السلام في بناء القواعد لمقام الدين القيم.

فما الذي كان إبراهيم عليه السلام قائماً عليه حياته وأقامه الله عليه؟

نجيب: أنه كان قائماً مُقاماً من الله على ملَّة التوحيد لله القيوم، حتى قام على ما أمِر به واُقيم له، فبنى بيت الله الحرام "قياماً" للناس، " جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ .. ".

فالآية بينة إن شاء الله، وسورة البقرة تتحدث عن بناء البيت، فيقول الله عز وجل فيها، "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ .. "، يدعو إسماعيل وإبراهيم وهو قائم على المقام، يرفعان بيت الله الحرام توحيداً لله العلي الخبير، أن يجعلهما مسلمين عليهما السلام، فارتبط المقام معنوياً بالمعنى الذي تحمله الآية من التوحيد الذي كان عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي ظهر ثابتاً بملة إبراهيم، "قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

"قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"

تتحدث الآية عن صراط مستقيم، هو ذلك الدين القيم ملة إبراهيم حنيفا، فإذا أقمته أقمت الدين، "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"، وبذلك أمِر محمد عليه الصلاة والسلام وأمِرنا، أن نقوم على دين الله، وأن نسلم وجوهنا لله ذي الجلال والإكرام، "وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا .. "، فإذا أقمت وجهك للدين حنيفا تكون قد أسلمته لله العزيز، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ .. "، فالمقام مقام إبراهيم عليه السلام، وما كان عليه السلام إلا قائماً على توحيد الله، مقيماُ لدين الله، مسلماً لله الحي القيوم، كما كان دعاؤه وهو قائم على المقام يبني بيت الله الواحد الصمد، "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ".

الصلاة خلف المقام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير