تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتعاني التفعيلة الأخيرة من شطر البيت الأول "العروض، الجمع أعاريض"، والتفعيلة الأخيرة من شطره الثاني "الضرب، الجمع ضروب" أكثر مما تعانيه سائر التفعيلات فيما يتصل بأشكال الانحراف عن الأنماط العروضية المثالية، ولهذا نجد لها تسمية محددة؛ في حين تختلف تسميات سائر التفعيلات والتي عادة يطلق عليها اسم جمعي وهو الحشو. واعتمادا على فكرة القياس، فإننا نستطيع التفريق بين نوعين من الاختلاف عن الأنماط المثالية هما: الزحافات والعلل. فالزحافات (تخفيفات) هي كما يدل على ذلك اسمها، أنماط صغيرة من القطع أو الحذف توجد فقط في الحشو، ويظل النمط الإيقاعي قويا في البيت، ويكون تأثير تلك الزحافات عبارة عن قدر يسير من التغيير في مقاطع الأسباب الضعيفة. وليس لدى الزحافات، باعتبارها انحرافات عرضية، مكان منتظم، أو محدد، لأنها تظهر فقط من وقت لآخر في التفعيلة. وفي المقابل هناك العلل (أمراض، نواقص) التي تظهر فقط في التفعيلة الأخيرة من أي من شطري البيت، وهي تسبب، كما يتضح من اسمها، تغييرا كبيرا بالمقارنة مع التفعيلات الاعتيادية وتقوم بتغيير الإيقاع في آخر البيت على نحو بيّن، ولهذا السبب تم تمييزها بوضوح عن تفعيلات حشو البيت. وبوصفها انحرافات إيقاعية محددة، فإن العلل لا تظهر فقط من وقت لآخر، بل لا بد من ظهورها على نحو منتظم في كل أبيات القصيدة بنفس الصورة، وفي الوضع نفسه. ويرجع فرق آخر بين مجموعتي الانحراف أو التقليص إلى حقيقة أن الزحافات توجد فقط في السبب، (وفي صوته الثاني على وجه التحديد) في حين تغير العلل الوتد في التفعيلة الأخيرة لكل من شطري البيت، تماما على النحو الذي تحدثه في أسباب التفعيلتين "المذكورتين".

ويمكننا الوصول إلى الأشكال التي توجد حقا في القصائد عن طريق تطبيق القواعد المحددة للزحافات والعلل, واتخاذ الصيغ المعتادة لتفعيلات كل وزن باعتبارها نقطة بداية. فكما يُدَلّ على التفعيلات المعروفة عن طريق ألفاظها الثمانية المميزة "فعولن، مفاعيلن .. الخ" التي تعبر عن التتابع المعروف لأصواتها "المتحركة"، و"الساكنة"؛ فإن هناك كلمات مميزة أيضا تدل على الصيغ التي تخضع لتغيير الزحافات والعلل, وتكشف عن التتابع المبدل للأصوات. ولهذا، وعلى سبيل المثال، عندما يحذف حرف السين من مستفعلن تصبح متفعلن. فإن لم تكن الصيغة الناتجة ممكنة في العربية لغويا، كما في هذه الحالة، عندئذ يتم التعبير عن التتابع المماثل للأصوات (أي التتابع المماثل للمقاطع "الطويلة" و"القصيرة") بكلمة ممكنة من الناحية اللغوية، في هذه الحالة، قد تكون مفاعلن. وفي المقابل، مع الأصول من صيغ التفعيلات؛ فإن تلك التعديلات تعرف بالفروع من "صيغ" التفعيلات. وسوف تضاف، فيما يلي، الفروع بين أقواس إذا كانت صيغتها تختلف عما عليه الحال في الأصول. لا يسمح المجال هنا بعرض قائمة مفصلة للزحافات والعلل. ولكن سوف نورد عددا قليلا من الأمثلة لنوضح تفسيرها من الناحية النظرية، ولنبين إلى أي مدى أن هذا الجزء الخاص من النظام "العروضي" هو جزء متميز ومعقد.

وكما قلنا آنفا، فإن الزحافات تظهر عندما يكون السبب ناقصا عن شكله المعتاد لوجود تغيير في صوته الثاني. عندها، لا يمكننا الكلام ببساطة عن الزحاف حتى لا يكون الأمر غامضا. ولكي نصف الزحاف بصورة دقيقة لا بد لنا من تبيان أيّ من أصوات التفعيلة قد تأثر, وما إذا كان ذلك الصوت متحركا، أو ساكنا. وعلى سبيل المثال، يمكننا وضع ما يسمى بالزحافات الثمانية البسيطة في مجموعتين تبعا لكون السبب المتأثر خفيفا أم ثقيلا. ويجب علينا، عندئذ، أن نشير إلى الحالات الثماني بمصطلحات لكل واحدة منها على حدة. فعندما يحذف الحرف الثاني من التفعيلة سوف نحصل على ما يسمى "الخبن": مثال ذلك حذف حرف السين من مستفعلن لتصبح (مفاعلن)، أو حذف الألف من فاعلن، وعندما يحذف الحرف الرابع نحصل على "الطي": مثال ذلك حذف الفاء من مستفعلن لتصبح (مفتعلن)؛ وعندما يحذف الحرف الخامس من التفعيلة نحصل على "القبض": مثال ذلك حذف النون من فعولن لتصبح فعولُ، أو حذف الياء من مفاعيلن لتصبح مفاعلن؛ وعندما يحذف الحرف السابع ينتج عن ذلك ما يطلق عليه "الكفّ": مثال ذلك حذف النون من فاعلاتن لتصبح فاعلاتُ. وفي حالة السبب الثقيل، إما أن نحذف حركة الحرف الثاني

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير