تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مشينا صوبها بخطوات ثقيلة كالحديد، حمل كل منا جثة على كتفه واتجه صوب حفرته، وقام بالدفن السريع ليجلب جثة أخرى كأنهم سيغيرون رأيهم فجأة ويطلبون منا القفز الى الحفرة الثانيه.

لم نصدق ونحن نصعد الى الباص أننا نجونا هكذا. لم نتكلم لكنا حين عدنا الى الزنزانات كان الفجر يقترب فارتمينا شبه مغمى علينا من التعب والهلع وكان بعضنا قد غفا في الطريق فأكمل ما تبقى من كوابيسه قبل الشروق.

.. ولسبع ليال .. وبالطريقة نفسها .. كنا نكدح في دفن جثث لا تنتهي،ورغم أننا عرفنا المكان من حساب المسافة لكننا أصبحنا في نهاية الليلة السابعة كالآلات التي لا تنتمي أجزاءها إليها، ولم يعد ذلك مهماً وقد تجردنا من إنسانيتنا وأحلامنا إلى الأبد.

دفنت أربعة عشر إنسانا، حفرت قبورهم بيدي حملتهم على كتفي رتبت وضعهم في حفر تصغر عليهم أو تكبر قليلا، وأهلت التراب.

روائحهم ما زالت في رئتي، بعضهم كان خفيفا وضئيلا، بعضهم طري الجروح، بعضهم مهشم الفك أو مكسور الساق، وأحدهم سقطت إحدى عينيه في يدي.

كثيرا ما ارتطمت معاولنا بجثة سبق أن دفناها ونحن نخطيء مكان الحفرة الجديدة، وكثيرا ما وجدنا الرياح وقد عرّت القبور و كشفت الجثث، فدفناها من جديد. وأحيانا لا يكون الموتى…ميتون تماما!

هبّ واقفا ونظر بعيدا كأنه يحتمي بالامتداد:

كان الموتى يأتونني في الليل، بأوضاعهم التي دفنتهم عليها،ويسألونني: لماذا؟ وأُصدقك أن كل ما أتذكره هو أربعة عشر جثة، بعدها اختلطت الأمور علىّ ولم أتمكن من التمييز بين ما هو حقيقي ومستمر في الحدوث، وما كان هلوسات بصريه، فبعد الجثة الرابعة عشرة، كانوا كلما أنزلونا من الباص تراءت لنا ساحة هائلة لا متناهية من جثث ملقاة خارج قبورها وبانتظارنا، كأن بحر الرمل لفظها فطفت على سطح الموج من جديد.

تجاوز بي المرض بعدها طقوس الدفن ولازمت مستشفى السجن فترة طويلة قبل أن يصدر عفو عام شمل مجموعة قديمة من سجناء الرأي ممن لم تعد آراءهم تهدد حتى الهوام، فتحررنا من هاجس أن يدفننا أصحابنا نصف أحياء ذات يوم ..

كنت أراه بوضوح في ضوء القمر، حلقي جاف وأمعائي تمور وأخشى أن يستمع الى دقات قلبي، أو يسمع روحي تقاوم النحيب. كان ينظر الىّ مباشرة حين قال مشيرا الى العشب: دفنّاهم هنا

منقول

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[27 - 11 - 2009, 10:21 م]ـ

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:

الأستاذ الفاضل: أبا دجانة المصري

جزاك الله خيرا ..... مجهودكم متميز ما شاء الله في منتدى الترجمة ... جعل الله ما تقومون به في موازين حسناتكم ... اللهم آمين

ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[01 - 10 - 2010, 06:08 م]ـ

ظننتني المقصود بداية:)

لكن سرعان ما انقشع الضباب.

ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[01 - 10 - 2010, 08:28 م]ـ

هل هذه ترجمتك يا دكتور؟

ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[02 - 10 - 2010, 12:51 ص]ـ

Written by : Fatima Al Nahidh

Translated by : Dr. Abdallah Altaiyeb

.....

ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[02 - 10 - 2010, 03:46 م]ـ

عبدالله الطيب

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير