تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- متعلق بالاستنباط.

- يقوم على المعرفة، الحذق، التماس الترابط. الاهتمام بالسياق العام.

إن أول خلاصة نسجلها أن كل: «فرقة من الفرق لها معنى اصطلاحي لكل من التفسير والتأويل، يتفق مع مفهومها الفكري من ناحية، ومع قصدها من تأويل كتاب الله من ناحية أخرى.» (18) وسواء سجلنا حدوده عند أهل السنة والجماعة (النقل)، أو عند المعتزلة (العقل)، أو عند الفرق (الرأي والباطن)، فإننا نميز بين تأويلين:

أ-التأويل المذموم: وهو تأويل? الذين في قلوبهم زيغ? يؤولون ابتغاء "الفتنة" وابتغاء "تأويله" وذلك بإخراج المدلول عن مقاصد النص المحتملة إلى أمر مبيت سلفا، خدمة لطائفة، أو هوى. وهو أربعة أصناف:

-من كان تأويله لهوى أو شبهة: وهو أخطر أنواع المتأولين. وهو الذي ساء قصده، وساء فهمه للنص.

- من كان تأويله لهوى من غير شبهة: وهو الذي ساء فهمه للنص.

- من كان تأويله لشبهة من غير هوى: وهو الذي قصر فهمه، وسلمت نيته.

- من كان تأويله على هدى من غير هوى ولا شبهة: وهو الذي سلم قصده، وسلم فهمه.

ب- التأويل المحمود: وهو الذي حدده "ابن كثير" بأمرين:

-التأويل بمعنى حقيقة الشيء وما يؤول إليه أمره. ومنه قوله تعالى:? هل ينظرون إلا تأويله.? أي حقيقة ما أخبروا به من أمر المعاد.

-هو التفسير والتعبير والبيان عن الشيء، كقوله تعالى:? نبئنا بتأويله، إنا نراك من المحسنين.? أي بتفسيره. (19)

وأجمل الإمام "البغوي" أمر التأويل والتفسير في قوله: «التأويل هو صرف الآية إلى معنى محتمل يوافق ما قبلها، وما بعدها، غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط. والتفسير هو الكلام في أسباب نزول الآية، وشأنها وقصتها.» (20).

إننا نلمح من خلال التعاريف السالفة –من خلال التأويل- حركتين علميتين: حركة تميل إلى التوسع في الاعتماد على الاستنباط والقياس وفتح باب النص على مصراعيه، والبحث عن المقاصد وعللها، استنادا إلى الفهم الثاقب، والحاسة الأدبية الرفيعة. وحركة محافظة تؤثر الوقوف عند دلالة النص والآثار. غير أننا نلاحظ كذلك، أن النظر في القرآن الكريم من زاويتي النقل والعقل قد أنشأ المعارف الإسلامية، التي آلت إلى القرآن الكريم –مرة أخرى- لتدارس إعجازه. فمن النظر: «في قوانين القرآن العلمية نشأ الفقه، ومن النظر فيه ككتاب ميتافيزيقا نشأ علم الكلام، ومن النظر فيه ككتاب أخروي نشأ الزهد والتصوف والأخلاق، ومن النظر فيه ككتاب للحكم نشأ علم السياسة، ومن النظر في كلغة إلهية نشأت علوم اللغة .. » (21)

2 - شروط التأويل:

إن العملية التأويلية تقتضي شروطا، لا تكفي فيها المعرفة اللغوية وحدها، بل لابد من معرفة خاصة. يقسمها "أبو حامد الغزالي " إلى قسمين: منها ما يتعلق بالألفاظ الشرعية. ومنها ما يتعلق بالخبر وصحته .. فالألفاظ عنده على ثلاثة أقسام:

- ألفاظ صريحة لا تحتاج إلى تأويل.

- ألفاظ مجملة يتولى الله بيانها.

- ألفاظ ليست مجملة، ولا صريحة، مثل تلك الدالة على صفات الله.

أما ما يتعلق بالنص، فثلاث:

- التواتر: وشرط التواتر صحة الخبر.

- ما يسند إلى الإجماع: أي ما اتفق عليه أهل الحل والعقد.

- ما يسند إلى الباعث على تجاوز الظاهر: ويتطلب النظر في الدليل الباعث على التجاوز، وبرهان التجاوز. (22)

3 - شروط المؤول:

يسميها "ابن القيم الجوزية" العدة الكسبية، والعدة الوهبية. أما الكسبية فهي ذاتية، نابعة من الفرد، يتوصل إليها عن طريق الدرس والتحصيل والتعلم، ترتكز على ثلاثة محاور:

-النظر في المفردات: (علم اللغة، علم الصرف، علم الاشتقاق).

-النظر في التراكيب: (علم النحو، علم المعاني، علم البيان).

-النظر في القضايا القرآنية: (أسباب النزول، المكي والمدني، الناسخ والمنسوخ). (23)

وهي علوم متداخلة متكاملة، تفضي إلى بعضها بعض بأسباب. أما العدة الوهبية: فهي الإلهام الصادق، والفهم الثاقب، والإخلاص للأعمال الصالحة. وهي "وهبية" يقذفها الله في قلوب الخاصة. (24)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير