تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأمر المهم هل يمكن ترجمة النص القرآني من دون تفسير له قبل نقله إلى اللغة المترجم إليها؟

ترجمة القرآن بلفظه ونظمه مستحيلة عمليا وغير جائزة شرعا. والطريقة المثلى لبيان ما تضمنه من عقائد ومبادىء وأحكام في تنظيم صلة المسلمين بالله تعالى وعلاقة البشر بعضهم ببعض هي ترجمة معانيه.

إليك هذه الإجابة من موقع إسلام أون لاين تفيدك كثيرا في الإجابة عن أسئلتك المطروحة:

"في الثلث الأول من القرن العشرين أُثيرت مسألة ترجمة القرآن الكريم، واحْتدم النزاع فيها بين المعارضين والمؤيدين. والحقيقة التي اتفق عليها المعارضون والمُؤَيِّدون لهذه الفكرة أن القرآن الكريم لا يُسَمى بعد الترجمة قرآنًا له خصائصه ومزاياه وأحكامه الشرعية المختلفة؛ لأن الترجمة ليست كلام الله المُنَزَّل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، بل هي كلام بشر، ولأن لغة الترجمة ليست العربية الداخلة في كيان القرآن الكريم، قال تعالى (كتابٌ فُصِّلت آياته قرآنًا عربيًا لقوم يعْلمون) (فصلت: 3) وقال تعالى (نزلَ به الروحُ الأمين، على قلْبِك لتكون من المُنْذِرين بلسان عربي مبين) (الشعراء: 193 - 195) إلى غير ذلك من الآيات، والترجمة بالتالي ليست معجزة؛ لأن مفهوم المعجزة يُحمل على عدم قدرة أحد غير الله على صُنْعها، فما صَنَعَه البشر ـ غير الله ـ يَفْقِد معنى الإعجاز.

وإذا كانت الترجمة لا تُسمى قرآنًا ولا تستلزم أحكامه من مثل التعبد بتلاوته، وعدم قراءته مع الجَنَابة، وصحة القَسم به وغير ذلك، فهل تجوز هذه الترجمة أو لا تجوز؟

اصطلح العلماء على أن هناك مَعْنَيين للترجمة، أحدهما ترجمة حَرْفية، والآخر ترجمة معاني.

الترجمة الحرفية:

الترجمة الحرفية تقوم على وضع لفظ مرادف للفظ القرآن يُؤدي كل المقصود منه، وقد اتفق العلماء على أنها غير جائزة؛ وذلك لأنها غير ممكنة، إن لم تكن في كل القرآن ففي أكثره. وبيانه:

1 ـ أن اللفظ العربي قد يكون له أكثر من معنى، كالقُرْء، ولا يمكن للفظ الأجنبي أن يدل عليها كلِّها. وقد يختار المترجم ما يروق له أو يُحقق غرضه منها، ويترك المعاني الأخرى، فتكون الترجمة عاجزة عن الوفاء بما في القرآن من هداية شاملة، ولا تعبِّر عن حقيقة ما فيه. وهذا ما صنعه " ماكس هننج " في ترجمته الألمانية للفظ "الإبل" الذي في الآية السابعة عشرة من سورة الغاشية (أفَلا يَنْظُرُون إلى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ) حيث فسَّر الإبل بالسحاب، وهو أحد المعاني التي حملت عليها الآية، والجمهور يفسِّرون الإبل بالحيوان المعروف.

2 ـ أن بعض الألفاظ العربية ربَّما لا يُراد بها الحقيقة، بل يُراد بها المجاز، فلو كانت الترجمة لأحدهما ربما كان هو غير المقصود في القرآن الكريم، وذلك تغيير لمعناه، وهذا ما وقع فيه " مارما ديوك بكتهول" في ترجمته الإنجليزية لكثير من الآيات، فترجم قوله تعالى (فيَدْمَغُه) من آية (بل نَقِذِفُ بالْحَقِّ على الباطل فيَدْمَغُه فإذا هو زاهقٌ) (الأنبياء: 18) بمعناه الأصلي وهو "فيشج رأسه" وترجم قوله تعالى (ولا تَجْعَل يدك مغلولةً إلى عنُقك ولا تبسُطها كلَّ البسْط) (الإسراء: 29) بمدلولها الأصلي، وهو جمع اليد إلى العنق وإطلاقها.

3 ـ أن بعض الألفاظ العامة في القرآن قد يُراد بها المعنى الخاص فيعبِّر عنه المترجم باللفظ العام الذي لا يريده القرآن، كما صنع المترجم الألماني في قوله تعالى (إذا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) (الواقعة: 1) باللفظ العام للوقوع، مع أن المُراد هو قيام الساعة.

4 ـ أن هناك معاني لا يدلُّ عليها الوضع الظاهر للفظ، بل تُؤْخذ من صلته بلفظ آخر، كما في التقديم للمفعول على الفاعل الذي يدلُّ على الأهمية، وكما في ذكر مسحِ الرأس في الوضوء حيث جاء في الآية بين مغسولات تقدَّمت عليه وتأخرَّت عنه، فاستنتج بعض الفقهاء من ذلك وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء، وليس هذا مفيدًا في اللغات الأخرى لما أفادته اللغة العربية.

إلى غير ذلك من الوجوه التي تؤكد أن الترجمة الحرفية للقرآن لا تفي بالغرض المقصود منه، لا في الإعجاز ولا في الهداية الصحيحة الشاملة. ومن أجل هذا قال العلماء بعدم جواز الترجمة للقرآن كله، وإن جازت في بعض الآيات.

ترجمة المعاني:

تحدَّث العلماء عن ترجمة معاني القرآن فقالوا: إن للقرآن معاني أصلية يستوي في فهمها كل من يعرف مدلولات الألفاظ المفردة ووجوه إعرابها وما يشاكل ذلك، وله معانٍ ثانوية يسميها علماء البلاغة مستتبعات التراكيب، وهي خواص النَّظم التي يرتفع بشأنها الكلام، كدلالة التنكير على التعظيم أو التحقير وما إلى ذلك.

والمعاني الأصلية قد توافق المنثور أو المنظوم من كلام العرب بعض الآيات التي تدلُّ عليها، وذلك مع عدم مساس هذه الموافقة بإعجاز القرآن، فإن إعجازه واسع الميدان متعدد الألوان، وهذه لا مانع من ترجمتها فهي كالتفسير الموضح لها بكلام البشر، أما المعاني الثانوية فمن العسير أن تكون الترجمة دالة عليها، وذلك لاختلاف الأساليب وما تدل عليه في اللغات، وإذا كان هذا يحدث في ترجمة كلام البشر من لغة إلى لغة فكيف بترجمة كلام الله بلغة البشر؟

إن هذه الترجمة بنوعيها تفسير، والتفسير لا يستلزم أن يكون شاملاً لكل ما تدل عليه الألفاظ والتراكيب، فهي لا تُغني عن القرآن أبدًا، ولا تعبِّر عن كل ما فيه، ولا مانع منها، مع الإشارة في الهوامش إلى أن ما قام به المترجم هو تفسير بلغته هو، وليس تعبيرًا عن القرآن كقرآن."

للمزيد تفضل هنا ( http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528604788)

بالتوفيق

.

.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير