ومقالات الهويدي رأيتها في موقع الصحيفة في الشبكة، وهي أيضا من محتويات الكتاب الخاص بالجمعية
أما مقال الدنان فقد أخذته من الشبكة فقط ولم أجده في كتب (إلى الآن)
يمكنك أن تأخذ ما تشاء مما أدرجت في الفصيح أو غيره
ولي مقال بعنوان (لغتنا هويتنا) إن طالعته، وثمة تصحيحات أخرى في موقع نبض العربية
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[10 - 02 - 2005, 11:42 م]ـ
الحمد لله القائل: {خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ} (الرحمن: 3 - 4).
وتعليم الإنسان البيان من آيات الله الباهرة. قال القرطبي: «البيان الكلام والفهم، وهو ما فضل به الإنسان على سائر الحيوان».
وقال السدي: «علَّم كل قوم لسانهم الذي يتكلمون به»، «وقيل علَّمه اللغات كلها».
وقال الشنقيطي: «التحقيق فيه أن المراد بالبيان الإفصاح عما في الضمير». ويقول سيد قطب: «إننا نرى الإنسان ينطق ويعبِّر ويبين، ويتجاوب مع الآخرين، فننسى بطول الألفة عظمة هذه الهبة، وضخامة هذه الخارقة، فيردنا القرآن إليها ويوقظنا لتدبرها في مواضع شتى».
كيف يكون البيان؟ وكيف يتعلم الطفل اللغة التي يعرب بها عما في ضميره؟
جهاز اكتشاف قواعد اللغة:
تشير الدراسات العلمية المبنية على الملاحظة والتحليل أن الله زود الطفل من جملة ما زوده به بالقدرة على اكتشاف قواعد اللغة التي يتعرض لها باستمرار، ويسمي العلماء جزء الدماغ المسؤول عن هذه العملية: جهاز اكتشاف اللغة ( LAD ) Language Acquidition Device ،
فيقوم هذا الجهاز بهداية الله له باكتشاف قواعد اللغة من جملة المفردات والتراكيب التي تعرض عليه، وقد يخطئ القاعدة في البداية لقلة الأمثلة والعينات، ولكنه ما يلبث أن يراجع نفسه ويعدل القاعدة حتى يتقن اللغة تماماً فيكاد ألاَّ يخطئ فيها؛ وهذا ملاحظ في الأطفال؛
فتجد الطفل مثلاً وقد طرق سمعه كلمات الجمع مثل: نائمين، قاعدين، فيقول: رجّالين جمع رجّال (رجل بالعامية) وكَلْبين جمع كلب. وأمثلة هذا معلومة لدى الأبوين، ويتخذون منها مادة للتفكه والتندر. ومع زيادة الأمثلة، وتكرار السماع، يصحح الطفل هذه الأخطاء من تلقاء نفسه حتى يصل إلى رتبة الإتقان.
والطفل حين يتقن اللغة لا يدرك قواعدها؛ بل هذا الأمر صحيح في حق الكبير أيضاً. ولنأخذ على ذلك مثالاً من العامية الشامية:
يقول أهل الشام: خزانِة، وبوابِة، ورمانِة. بكسر ما قبل التاء المربوطة؛ ولكنهم يقولون: تفاحَة ومطاطَة بالفتح. ولا يمكن أن يخلطوا بينهما فيقولون تفاحِة مثلاً، بل إذا قال الرجل ذلك علم أنه يحاول تقليد اللهجة الشامية وينفضح أمره!
لا شك أن وراء هذه الطريقة في النطق قاعدة لغوية؛ فما هي؟ ربما لم يخطر لكثير من الناس أن يبحثوا عن القاعدة، ولكنهم غير محتاجين لذلك؛ فإنهم ينطقون بها صحيحة حسب لهجتهم بالسليقة كما يقول العامية أو لأن جهاز اكتشاف اللغة ( LAD ) قد أراحهم من ذلك! كما يقول العلماء.
وكل موهبة ذهنية أو جسدية وهبها الله للإنسان جعل لها دورة حياة، تنشأ وتقوى، ثم تبلغ ذروتها وأوجها، ثم تضمحل وتموت؛ فما هي دورة حياة جهاز اكتشاف اللغة ( LAD ) ؟
يقول العلماء إنها تبدأ مع خلق الإنسان، وتبلغ ذروتها في سني حياته الأولى، وتبدأ بالضمور والاضمحلال بعد سن السادسة، لتموت قريباً من سن البلوغ! وقد أيدوا هذه النظرية بالدراسات العلمية، والكشوفات الطبية والاستقراء الدقيق. وهذا يعني أن السن المثلى التي يكتشف فيها الإنسان قواعد اللغة التي يسمعها حوله عندما يكون طفلاً دون السادسة، وأنه بعد ذلك إن لم يكن قد أتقن قواعد اللغة يحتاج إلى من يلقنه ويعلمه إياها؛ إذ لا يكون قادراً على اكتشافها بنفسه، كما أنه في الغالب لن يستطيع أن يصل إلى درجة الإتقان التي يبلغها من اكتشف قواعد اللغة في السن التي يكون مهيأ لها (وهذا يدل على الموهبة الخارقة لجهاز اكتشاف قواعد اللغة الرباني).
والجدير بالذكر أن هذا الجهاز لا تنحصر قدرته على اكتشاف لغة واحدة، بل يمكنه أن يكتشف قواعد عدة لغات، وبنفس الدرجة من الإتقان، إذا تيسر له القدر الكافي من السماع والممارسة.
¥