نصرت عبد الرحمن
يتناول نصرت عبد الرحمن دراسة الصورة الفنية في الشعر الجاهلي من وجهة نظر النقد الحديث، وهو يرى أن: "قضية الصورة من أشد القضايا خطورة في النقد الحديث" (72)
ثم يعترف قائلاً: "أعترف أن مصطلح الصورة من المصطلحات النقدية الوافدة التي ليس لها جذور في النقد العربي" (73)
ويفصل الناقد نفسه الصورة عن البلاغة: "فالصورة تحمل في خباياها حقائق شعرية تنأى بها عن الزخرف الشعري، وعن صندوق الأصباغ، وعن البلاغة" (74)
ويتحدث الناقد نفسه عن أنواع من الصور:
q أولاً: الصورة التقريرية، وهي التي لا تحوي تشبيهاً أو مجازاً0
q ثانياً: الصورة التشبيهية، وهي الصورة التي يتجسم فيها المعنى على هيئة علاقة بين حدين0
q ثالثاً: الرمز الأيقوني، وهي الصورة التي تدل على صورة مادية بينهما علاقة تشابه0
q رابعاً: الاستعارة، ويبدو أنها واكبت البشر من الاعتقاد إلى المجاز" (75)
وإذا كان الرجل قد أنكر اعتماد الصورة على البلاغة إلا أنه عاد إليها مرة أخرى شأنه شأن كل الذين هاجموا البلاغة باعتبارها صندوق أصباغ، وباعتبارها أبنية متهدمة، فكلهم عادوا إليها في النهاية، وإذا كان هناك نقص في البلاغة، " فإنه لن يُستكمل إلا بالبلاغة" (76)
ولم يقدم لنا نصرت عبد الرحمن أي تعريف للصورة في دراسته، وقد "أخضع الشعر العربي قبل الإسلام لمشرحة النظرية الأوربية، وانهال عليه جزاً وتقطيعاً عسى أن يستجيب لهذه النظرية ويتبرأ من أصالته معنى ومبنى" (77)
ويصدر البصير حكمه النهائي على دراسة نصرت عبد الرحمن، فبعد اقتباسات عديدة، ومناقشات كثيرة يقول: "إن نصرت عبد الرحمن لم يدرس الصور الفنية في الشعر الجاهلي كما تقتضي طبيعة هذا الشعر تراث أمة لها خصوصيتها في مضمار الأدب فناً، وفي مضمار دراسته تطبيقاً، وإنما التمس للدراسات النقدية الأوربية - بشأن الصورة الفنية – شواهد من أقدم نصوص الشعر العربي، ففرض على هذه النصوص ما ليس منها فناً وفكراً، فضاعت دراسته بين واديين لا يلتقيان" (78)
علي البطل:
اتخذ البطل لدراسته المنهج الأسطوري، وطبقه على الشعر العربي منذ الجاهلية وحتى آخر القرن الثاني الهجري، فيقول: "يحاول هذا البحث أن يكشف عن وجه للشعر العربي كان محتجباً طيلة هذه الفترة الطويلة من عمره، هو وجه ارتباطه الوثيق بالحياة الدينية والأساطير القديمة" (79)
وقد رفض البطل أن ترتكز الصورة على البلاغة، فقال: "لقد رفضت بعض الدراسات التي أُنجزت حديثاً عن الصورة لأنها تسعى نحو التقنين النظري للصورة من وجهة النظر البلاغية القديمة" (80)
ثم يعود الناقد نفسه ليؤكد رفضه لدراسات صورية أخرى لأن تناول الصورة فيها "يقف عند حدود الصور البلاغية في التشبيه والمجاز" (81)
ويرد عليه أحد النقاد قائلاً: "ما هي الصور الشعرية الأخرى التي كان ينبغي أن تحظى بالأسبقية؟ وهل هناك صور شعرية جديرة بهذا الاسم من غير هذين الجنسين؟ " (83)
وقد عالج البطل دراسة الصورة أسطورياً – كما سبق أن أشرنا – في ثلاثة محاور:
q صورة المرأة بين المثال والواقع0
q صورة الحيوان بين العقيدة الدينية والتقليد الفني0
q صورة الإنسان بين شئون الحياة والموت والطبيعة0
وأما عن تقويم النقاد لدراسة البطل، فيقول البصير: "أخذ يستمد من المدرسة السريالية ومدرسة اللامعقول بشطحاتها في فهم اللغة 00 فصاحبنا فيما ظنه مفهوماً جديداً للصورة يجهل التراث البلاغي العربي حقاً" (84)
وبعد أن تفند ريتا عوض منهج البطل، فإنها تقول: "وبهذا قضى تماماً على فنية الصورة الشعرية، ونفى حقيقة الإبداع" (85)
ويعلق ناقد آخر على دراستي نصرت عبد الرحمن، وعلي البطل قائلاً: "وأضرار هاتين الدراستين أكبر من نفعهما" (86)
نعيم اليافي:
¥