ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[27 - 11 - 2007, 10:45 م]ـ
أخي الدكتور عمر الزاوي .................. المحترم
تحية طيبة وبعد.
سؤالي هو: هل كان شعر الإغريق وغيرهم يرقى بلاغة الشعر العربي في التعبير عن المضمون وهل كانوا يعرفون المحسنات البديعية والصور البلاغية والجمالية،
حيث أننا نجد في الشعر العربي أبياتا تعبر عن مضمون كبير في عدد قليل من الكلمات تحتاج إلى كتب لشرحها ,
ومثال على ذلك بيت أمرئ القيس ,
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ......... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
حيث أن الشاعر وقف واستوقف وبكى واستبكى وذكر الأحبة والأطلال بصدر بيت واحد.
ووصف أبي تممام حين قال:
حتى كأن جلابيب الدجى رغبت ...... عن لونها وكأن الشمس لم تغب.
وهجاء جرير لثلاث شعراء في بيت واحد ,
حين قال: لما وضعت على الفرزدق ميسمي ... وضغا البعيث جدعت انف الأخطل.
وغيرها الكثير من الأبيات لم تحضرني الآن.
والقصد هنا البلاغة في التعبير وليس السبق في المجالات الأخرى من الشعر ,
فقد كان العرب منعزلون تماما عن باقي الأمم ورغم ذلك فقد توصلوا إلى ما وصلوا إليه من التميز في البلاغة في الشعر و اللغة ,
وهل كانت أشعار الغرب تتميز بالوزن والقافية الموحدة لجميع أبياتها أم أنها كانت للغناء فقط؟
وشكرا جزيلا.
واقبلوا فائق الإحترام والتقدير.
أخوكم رعد ازرق.
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[27 - 11 - 2007, 11:00 م]ـ
جزاك الله خيرا استاذنا الدكتور منذر
زادك الله علما ونفع بك وأجزل لك العطاء
ـ[د. منذر عمران الزاوي]ــــــــ[28 - 11 - 2007, 01:48 ص]ـ
أخي رعد تحية محبة لك من القلب ... أشكر لك جزيل الشكر اهتمامك وتعليقاتك الغنية والمفيدة.
الشعر تجربة انسانية وهو تعبير عن انفعالات وعواطف وان كل امة من الامم استطاعت ان تخترع لنفسها عبر تاريخها الطويل وصراعها من أجل البقاء لغة راقية للتعبير عن افكارها بايجاز وبلاغة وقوة يمكن أن تحرك لدى هذا الشعب أو تلك الامة مكامن الاحساس بالجمال , وان تذوق البلاغة الشعرية لدى أي شعب مرتبط بكون اللغة الشعرية مستقاة من تاريخه وتطوره وبيئته حتى ترتبط بعواطفه ووجدانه , ولانستطيع ان نقول ان شعبا يمتلك البلاغة أكثر من شعب آخر اذا قارنا الناتج الانساني الصرف أما الكتب السماوية فهي بلاغة الهية فوق مستوى البشر وأن كنت أعتقد ان الكتب السماوية غير القرآن (من توراة وانجيل وزبور) نزلت في وقتها ببلاغة مابعدها بلاغة لانها كلام الله عزوجل , ولكنها تعرضت للأسف للتزوير والتعديل والضياع وبقي القرآن سليما من التحريف للاسباب التي نعرفها.
ان اي شعر لدى أي أمة يعتمد في تأثيره على مقدار مايحمله من صور جمالية وابداع لانه قائم على الايجاز والاختصار واصابة المعنى في الوقت عينه , وهذا بالذات مايميزه عن النثر , ولكن الصور الجمالية العربية لها خصوصية تميزها عن الصور الجمالية لدى الشعوب الاخرى .. صحيح ان كل الشعوب تقدر القيم النبيلة ولكنها تعبر عنها بطريقة مختلفة وبصور مختلفة.
وصحيح أيضا ان الشعر بحد ذاته "تعبير بكلمات قليلة عن مضمون كبير" ولكن هذه الخاصية ليست ملكا للعرب وحدهم لان الشعر الانساني كله يتصف بهذه الصفة , وهو مرتبط بالغناء لذلك احتاج الى الاختصار والايجاز فالوزن والقافية هما ظواهر ايقاعية صيغ بهما الكلام المغنى وكان اللحن الموسيقي للاغنيات يحتاج الى كلمات قصيرة معبرة , ولكن يبقى التمايز بين تجربة العرب وتجارب غيرهم فالاوزان العربية والبحور من رجز ومتدارك ورمل ووافر ... الخ مستقاة هي واسماؤها من البيئة الصحراوية البدوية أما عند الشعوب الاخرى فقد وجدت اوزان خاصة تختلف عن الاوزان العربية وتلائم الفن والذوق الغنائي لدى هذه الشعوب , وان كون شكسبير هو أول من حرر الشعر الانكليزي من أوزان القافية الشعرية الفخمة القديمة , ووالت ويتمان هو الذي حرر الشعر الامريكي من القافية القديمة يدل على ان الشعر الافرنجي كان له قافية ووزن وهي ميزة يتميز بها أي شعر لارتباطه بالايقاع والغناء.
ان ماوصلنا من الشعر العربي الجاهلية هو في صيغته المتطورة الراقية التي تشير الى ان هذا الشعر قد مر بمراحل عديدة من النمو والارتقاء حتى وصل الى مرتبته الجمالية المتقدمة في العصر الجاهلي , وقد مر هذا الشعر بمراحل مثله مثل شعر بقية الامم تماشى فيه الغناء مع الكلام الموزون جنبا الى جنب حتى بدأت مرحلة أخرى تباعد فيها الغناء عن الشعر وبدأ كل منهما رحلته الابداعية الخاصة.
وسبب اعجابنا ببلاغة الادب العربي أكثر من غيره هو استمتاعنا به لانه وليد بيئتنا الخاصة بنا وحامل أعرافنا ومثلنا التي نطرب لها وحدنا ولايمكن ان نقسو على الالماني اذا لم يستمتع بمكامن الجمال في الادب العربي بنفس الدرجة التي نستمتع بها نحن , وكذلك نحن لانستطيع أن نتذوق شعر شكسبير العظيم وشعر غوته الرائع بنفس الدرجة التي يتذوقها ابناء جلدتهما.
¥