ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 11:14 م]ـ
حكاية القرد والفيل
قِردٌ رَأى الفيلَ عَلى الطَريقِ = مُهَروِلاً خَوفاً مِنَ التَعويقِ
وَكانَ ذاكَ القِردُ نِصفَ أَعمى = يُريدُ يُحصي كُلَّ شَيءٍ عِلما
فَقالَ أَهلاً بِأَبي الأَهوالِ = وَمَرحَباً بِمُخجِلِ الجِبالِ
تَفدي الرُؤوسُ رَأسَكَ العَظيما = فَقِف أُشاهِد حُسنَكَ الوَسيما
لِلَّهِ ما أَظرَفَ هَذا القَدّا = وَأَلطَفَ العَظمَ وَأَبهى الجِلدا
وَأَملَحَ الأُذنَ في الاِستِرسالِ = كَأَنَّها دائِرَةُ الغِربالِ
وَأَحسَنَ الخُرطومَ حينَ تاها = كَأَنَّهُ النَخلَةُ في صِباها
وَظَهرُكَ العالي هُوَ البِساطُ = لِلنَفسِ في رُكوبِهِ اِنبِساطُ
فَعَدَّها الفيلُ مِنَ السُعود = وَأَمَرَ الشاعِرَ بِالصُعود
فَجالَ في الظَهرِ بِلا تَوانِ = حَتّى إِذا لَم يَبقَ مِن مَكان
أَوفى عَلى الشَيءِ الَّذي لا يُذكَرُ = وَأَدخَلَ الأصبُعَ فيهِ يَخبُرُ
فَاِتَّهَمَ الفيلُ البَعوضَ وَاِضطَرَب = وَضَيَّقَ الثَقبَ وَصالَ بِالذَنَب
فَوَقَعَ الضَربُ عَلى السَليمَه = فَلَحِقَت بِأُختِها الكَريمَه
وَنَزَلَ البَصيرُ ذا اِكتِئابِ = يَشكو إِلى الفيلِ مِنَ المُصابِ
فَقالَ لا موجِبَ لِلنَدامَه = الحَمدُ لِلَّهِ عَلى السَلامَه
مَن كانَ في عَينَيهِ هَذا الداءُ = فَفي العَمى لِنَفسِهِ وَقاءُ
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 11:20 م]ـ
لَيتَهُ ماتَ مَحسوداً بِتُخمَه
كانَ ذِئبٌ يَتَغَذّى = فَجَرَت في الزَورِ عَظمَه
أَلزَمَتهُ الصَومَ حَتّى = فَجَعَت في الروحِ جِسمَه
فَأَتى الثَعلَبُ يَبكي = وَيُعَزّي فيهِ أُمَّه
قالَ يا أُمَّ صَديقي = بِيَ مِمّا بِكِ غُمَّه
فَاِصبِري صَبراً جَميلاً = إِنَّ صَبرَ الأُمِّ رَحمَه
فَأَجابَت يا اِبنَ أُختي = كُلُّ ما قَد قُلتَ حِكمَه
ما بِيَ الغالي وَلَكِن = قَولُهُم ماتَ بِعَظمَه
لَيتَهُ مِثلَ أَخيهِ = ماتَ مَحسوداً بِتُخمَه
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 11:25 م]ـ
النعجة والجزار
كانَ لِبَعضِ الناسِ نَعجَتان = وَكانَتا في الغَيطِ تَرعَيانِ
إِحداهُما سَمينَةٌ وَالثانِيَه = عِظامُها مِنَ الهُزالِ بادِيَه
فَكانَتِ الأولى تُباهي بِالسِمَن = وَقَولِهِم بِأَنَّها ذاتُ الثَمَن
وَتَدَّعي أَنَّ لَها مِقدارا = وَأَنَّها تَستَوقِفُ الأَبصارا
فَتَصبِرُ الأُختُ عَلى الإِذلالِ = حامِلَةً مَرارَةَ الإِدلالِ
حَتّى أَتى الجَزّارُ ذاتَ يَومِ = وَقَلبَ النَعجَةَ دونَ القَومِ
فَقالَ لِلمالِكِ أَشتَريها = وَنَقَدَ الكيسَ النَفيسَ فيها
فَاِنطَلَقَت مِن فَورِها لِأُختِها = وَهيَ تَشُكُّ في صَلاحِ بَختِها
تَقولُ يا أُختاهُ خَبِّريني = هَل تَعرِفينَ حامِلَ السِكّينِ
قالَت دَعيني وَهُزالي وَالزَمَن = وَكَلِّمي الجَزّارَ يا ذاتَ الثَمَن
لِكُلِّ حالٍ حُلوُها وَمُرُّها = ما أَدَبُ النَعجَةِ إِلّا صَبرُها
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 11:53 م]ـ
النملة والمقطم
كانَتِ النَملَةُ تَمشي = مَرَّةً تَحتَ المُقَطَّم
فَاِرتَخى مَفصِلُها مِن = هَيبَةِ الطَودِ المُعَظَّم
وَاِنثَنَت تَنظُرُ حَتّى = أَوجَدَ الخَوفُ وَأَعدَم
قالَتِ اليَومَ هَلاكي = حَلَّ يَومي وَتَحَتَّم
لَيتَ شِعري كَيفَ أَنجو = إِن هَوى هَذا وَأَسلَم
فَسَعَت تَجري وَعَينا = ها تَرى الطَودَ فَتَندَم
سَقَطَت في شِبرِ ماءٍ = هُوَ عِندَ النَملِ كَاليَم
فَبَكَت يَأساً وَصاحَت = قَبلَ جَريِ الماءِ في الفَم
ثُمَّ قالَت وَهيَ أَدرى = بِالَّذي قالَت وَأَعلَم
لَيتَني لَم أَتَأَخَّر = لَيتَني لَم أَتَقَدَّم
لَيتَني سَلَّمتُ فَالعا = قِلُ مَن خافَ فَسَلَّم
صاحِ لا تَخشَ عَظيما = فَالَّذي في الغَيبِ أَعظَم
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 01:32 ص]ـ
حكاية الغزال المدلل
كانَ فيما مَضى مِنَ الدَهرِ بَيتٌ = مِن بُيوتِ الكِرامِ فيهِ غَزالُ
يَطعَمُ اللَوزَ وَالفَطيرَ وَيُسقى = عَسَلاً لَم يَشُبهُ إِلّا الزُلالُ
فَأَتى الكَلبَ ذاتَ يَومٍ يُناجي = هِ وَفي النَفسِ تَرحَةٌ وَمَلالُ
قالَ يا صاحِبَ الأَمانَةِ قُل لي = كَيفَ حالُ الوَرى وَكَيفَ الرِجالُ
فَأَجابَ الأَمينُ وَهوَ القَئولُ الصا = دِقُ الكامِلُ النُهى المِفضالُ
سائِلي عَلى حَقيقَةِ الناسِ عُذراً = لَيسَ فيهِم حَقيقَةٌ فَتُقالُ
إِنَّما هُم حِقدٌ وَغِشٌّ وَبُغضٌ = وَأَذاةٌ وَغَيبَةٌ وَاِنتِحالُ
لَيتَ شِعري هَل يَستَريحُ فُؤادي = كَم أُداريهِم وَكَم أَحتالُ
فَرِضا البَعضِ فيهِ لِلبَعضِ سُخطٌ = وَرِضا الكُلِّ مَطلَبٌ لا يُنالُ
وَرِضا اللَهِ نَرتَجيهِ وَلَكِن = لا يُؤَدّي إِلَيهِ إِلّا الكَمالُ
لا يَغُرَّنكَ يا أَخا البيدِ مِن مَو = لاكَ ذاكَ القَبولُ وَالإِقبالُ
أَنتَ في الأَسرِ ما سَلِمتَ فَإن تَم = رَض تُقَطَّع مِن جِسمِكَ الأَوصالُ
فَاِطلُبِ البيدَ وَاِرضَ بِالعُشبِ قوتاً = فَهُناكَ العَيشُ الهَنِيُّ الحَلالُ
أَنا لَولا العِظامُ وَهيَ حَياتي = لَم تَطلُب لي مَعَ اِبنِ آدَمَ حالُ
¥