أهرول مسرعاً إلى رفاقي .. أطرق الباب .. فما هو إلا أن فتحوا الباب ونظروا إلي حتى انتقعت وجوههم .. وارتعدت فرائصهم .. من هول المطلع.
- سلامات .. سلامات .. كنا نظن أنك ميت!!!
لم أرد عليهم .. بل بادرتهم بالسؤال:
- من الذي أخذ الهيروين الذي كان في جيبي؟
- موجود معنا.
- لماذا أخذتموه من جيبي؟
- كنا نظن أنك ميت فأخذنا.
- أعيدوه لي فوراً؟
- ها هو .. خذ.
إنها صفحات سوداء من سجل حياتي .. سوّد أوراقها إخوة الهيروين الذين سرعان ما تنقلب صداقتهم إلى عداوة .. ومودتهم إلى بغض وكراهية .. وما أكثر المغرورين.
ومع الهيروين .. غاب عن حياتي كل معنى جميل .. واضمحل في نفسي كل خلق نبيل.
ألهث يوماً وراء المال .. أفتش في جيبي فلا أجد سوى نفسي الحقيرة التي لم تعد تساوي شيئاً.
ولما أعيتني الحيلة .. خرجت إلى الشارع .. إلى أين؟
إلى منزل جارنا .. أطرق الباب .. فيخرج من منزله.
- السلام عليكم يا أبا فلان.
- وعليكم السلام.
- إذا سمحت .. عندي بعض زملائي في المجلس، ونريد أن نشاهد المباراة .. لكن المشكلة أن أهلي يتابعون المسلسل على القناة الأخرى .. فهل يمكن أن تعيرني جهاز التلفاز إلى أن تنتهي المباراة؟.
امتعظ قليلاً، لكنه لم يجد مفراً من أن يلبي طلبي، ولو على سبيل المجاملة .. دخل المنزل .. ثم خرج بعد برهة وهو يحمل بين يديه التلفاز .. أخذته منه ووضعته في مؤخرة السيارة (الونيت) .. وعلى الهواء مباشرة انطلقت به إلى سوق (الحراج) لأبيعه بثمن بخْس .. لمخدرٍ نجِس .. في يومٍ نحِس.
افتضح أمري .. فاستوحش الناس من جانبي .. وانفضوا من حولي.
لم يبق في حياتي أي معنى للحياة.
أسير وأسير، لكنني أسير .. أرى من حولي أشباحاً، لكنني ضرير.
لم أعد أرى بعيني إلا الظلام .. ولم يبق في قلبي سوى الأوهام.
ومع ظلمة الليل الغاسق .. لاحت بوارق الفجر الصادق .. فكان من لطف ربي أن فتح لي باب العلاج بعد أن بلغ بي الإدمان منتهاه .. انبعثت في قلبي الضعيف قوة عظيمة .. تدفعني إلى مواصلة العلاج بإصرار وعزيمة.
وكان مما يحضني على الاستمرار، ما تشهده حالتي النفسية من استقرار.
وبدأت أبصر من جديد، شيئاً فشيئاً .. لقد وجدت نفسي .. وأنبت إلى ربي.
أعود إلى الحارة وإذا بصوت الحق ينادي: حي على الصلاة.
فأقول: لبيك وسعديك .. عبدك المذنب عائد إليك .. منكسر بين يديك .. لا ملجأ من جحيم الإدمان إلا إليك.
أدخل المسجد .. أرفع يدي لله، مستقبلاً حياة الإيمان .. مستدبراً شقاء الإدمان.
وفي هذه الأثناء .. يبصرني أحد الجيران ممن سبرني وخبرني فيما مضى من أيامي .. فينطلق إلى الجيران ويقول: احذروا!! لقد دخل المدمن المسجد .. وما أظن إلا أنه سيسرق من المسجد شيئاً .. إما سجاداً، وإما مكيفات!!!
لا أدري .. أأضحك أم أبكي؟ فسبحان من أضحك وأبكى.
في الحقيقة .. لم أكن لأحفل بما يقول لثقتي بنفسي .. ولا ألومه .. فكم تجرع الجيران غصصاً بسبب إدماني على المخدرات.
مضت الأيام .. وعلم الناس صدق إنابتي وصحة توبتي ثم التحقت بدورة علمية متخصصة في أمريكا.
بقي أن تعرفوا ما هي هذه الدورة.
إنها بكل فخر واعتزاز: (دبلوم عالي في مكافحة الإدمان وإرشاد المدمنين).
نعم لقد انعكست الآية .. وانحرفت زاوية الأحداث مائة وثمانين درجة كما يقال: فبالأمس كنت أسيراً للإدمان .. وأنا اليوم مجاهد في وجه الإدمان .. آخذ بأيدي المدمنين إلى بر الأمان .. لعلي أكفر ما سلف من العصيان.
أصرخ في آذانهم: أي إخواني .. ارجعوا وراءكم واسلكوا طريقاً آخر.
أي إخواني .. لقد سرت في هذا الطريق وتجرعت غصصه وآلامه، حتى وقفت في نهايته على شفير هاوية سحيقة، كادت رجلاي أن تزل فيها.
ولولا لطف الله ورحمته لهلكت غير مأسوف عليّ.
أي إخواني .. هأنذا أعود إليكم .. لأخبركم بما أمامكم.
فلا تهلكوا أنفسكم بأنفسكم .. ولا تدمروا بيوتكم بأيديكم .. ولا تحطموا مستقبلكم بحاضركم .. فإني والله لكم من الناصحين.
المصدر: صيد الفوائد
ـ[امازيغية لله]ــــــــ[24 - 06 - 2010, 01:12 م]ـ
بارك الله فيك ايتها الغالية"الزهة المتفائلة" التي عبق بعطرهاالفواح فؤادي ... بيمناك غرست في قلبي انوارا جديدة ..... جازاكم الله كل خير وبارك لكم سعيكم اختي الحبيبة ..
اذكرينا في دعائك .... ان يثبت الله قلوبنا على الايمان ويزكي انفسنا ... ويديم النصح بيننا والذكرى والموعضة لكل من قد نسي ذكر الله منا ... امين
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[24 - 06 - 2010, 01:32 م]ـ
بارك الله فيك ايتها الغالية"الزهة المتفائلة" التي عبق بعطرهاالفواح فؤادي ... بيمناك غرست في قلبي انوارا جديدة ..... جازاكم الله كل خير وبارك لكم سعيكم اختي الحبيبة .. اذكرينا في دعائك .... ان يثبت الله قلوبنا على الايمان ويزكي انفسنا ... ويديم النصح بيننا والذكرى والموعضة لكل من قد نسي ذكر الله منا ... امين
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:
أختي الحبيبة والغالية والعزيزة: أمازيغية لله
أهلا وسهلا بكِ من جديد / يشرفني دائما حضورك وتسعدني جدا كلماتك الرائعة التي تحمل طيب نفسك وجمال أخلاقك وروعة سماتك / أسأل الله أن يثبتنا جميعا وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه / وأن يحسن خاتمتنا والتي لا نعرف كيف سوف تكون؟! نسأل الله السلامة وتقبل الأعمال.
أختي العزيزة: جزاك الله خيرا على دعائك الجميل هذا ولك ِ بالمثل وزيادة / وبما أن دعاء المسلم لأخيه المسلم في ظهر الغيب مستجابة فسوف نلتزم بها وإلا لسنا بأحسن حالا من غيرنا.
ودمت ِ موفقة ومسددة / حفظك الله ورعاك من كل سوء.
¥