"إن أهم شرط للقراءة الصحيحة أن تكون قراءة في دقة وإمعان؛ يستطعم فيها القارئ الجملة من الفصل، أو الفصل من الكتاب، كما يستطعم الأكل اللذيذ، يجيد مضغه، ويجيد هضمه؛ ويسائل نفسه بعد القراءة الدقيقة لكل فصل: "ماذا يريد الكاتب؟ وهل أخطا أو أصاب؟ وفيم أخطأ، وفيم أصاب؟ وإذا كان قد أخطا فما صواب ما أخطأ فيه؟ " إن قراءة كتاب على هذا النهج خير من قراءة الكتب الكثيرة قراءة سطحية، لا عمق فيها، ولا تفكير. وهذه القراءة تستلزم أن يهب القارئ عقله كله، ونفسه كلها لما يقرأ، فلا يشغله شاغل آخر، ولا تقطع تيار فكره العوارض ... فقديماً قالوا: "إن العلم لا يعطيك بعضه، إلا إذا أعطيته كلك".
جملة المحور: إن أهم شرط للقراءة الصحيحة أن تكون قراءة في دقة وإمعان. إلى أسئلتكم وإضافاتكم ...
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[14 - 06 - 2009, 07:48 م]ـ
هل نستطيع أن نجعل كل المقالة .... حوار .... ؟
وأريد فقط أن تحلل لنا هذه المقالة للشيخ علي الطنطاوي ـ رحمه الله ـ بشرح جملة الحوار فيها .... إليكَ هذه المقالة الرائعة ...
نظرت البارحة فإذا الغرفة دافئة والنار موقدة، وأنا على أريكة مريحة، أفكر في موضوع أكتب فيه، والمصباح إلى جانبي، والهاتف قريب مني، والأولاد يكتبون، وأمهم تعالج صوفا تحيكه، وقد أكلنا وشربنا، والراديو يهمس بصوت خافت، وكل شيء هادئ، وليس ما أشكو منه أو أطلب زيادة عليه فقلت الحمد لله ... أخرجتها من قرارة قلبي، ثم فكرت فرأيت أن ' الحمد ' ليس كلمة تقال باللسان ولو رددها اللسان ألف مرة، ولكن الحمد على النعم أن تفيض منها على المحتاج إليها
حمد الغني أن يعطي الفقراء، وحمد القوي أن يساعد الضعفاء وحمد الصحيح أن يعاون المرضى، وحمد الحاكم أن يعدل في المحكومين، فهل أكون حامدا لله على هذه النعم إذا كنت أنا وأولادي في شبع ودفء وجاري وأولاده في الجوع والبرد؟ وإذا كان جاري لم يسألني أفلا يجب علي أنا أن أسأل عنه؟
وسألتني زوجتي فيمَ تفكر؟ فأخبرتها
قالت صحيح، ولكن لا يكفي العباد إلا من خلقهم، ولو أردت أن تكفي جيرانك من الفقراء لأفقرت نفسك قبل أن تغنيهم
قلت لو كنت غنيا لما استطعت أن أغنيهم، فكيف وأنا رجل مستور، يرزقني الله رزق الطير تغدو خماصا ًوتروح بطاناً؟
لا، لا أريد أن أغني الفقراء، بل أريد أن أقول إن المسائل نسبية أنا بالنسبة إلى أرباب الآلاف المؤلفة فقير، ولكني بالنسبة إلى العامل الذي يعيل عشرة وما له إلا أجرته غني من الأغنياء، وهذا العامل غني بالنسبة إلى الأرملة المفردة التي لا مورد لها ولا مال في يدها، وصاحب الآلاف فقير بالنسبة لصاحب الملايين؛ فليس في الدنيا فقير ولا غني فقرا مطلقا وغنىً مطلقا.
تقولون: إن الطنطاوي يتفلسف اليوم
لا؛ ما أتفلسف، ولكن أحب أن أقول لكم إن كل واحد منكم وواحدة يستطيع أن يجد من هو أفقر منه فيعطيه، إذا لم يكن عندك – يا سيدتي – إلا خمسة أرغفة وصحن ' مجدّرة ' تستطيعينأن تعطي رغيفا لمن ليس له شيء، والذي بقي عنده بعد عشائه ثلاثة صحون من الفاصوليا والرز وشيء من الفاكهة والحلو يستطيع أن يعطي منها قليلا لصاحبة الأرغفة والمجدّرة، ومهما كان المرء فقيرا فإنه يستطيع أن يعطي شيئا لمن هو أفقر منه، ولا تظنوا أن ما تعطونه يذهب بالمجان، لا والله، إنكم تقبضون الثمن أضعافا تقبضونه في الدنيا قبل الآخرة، ولقد جربت ذلك بنفسي، أنا أعمل وأكسب وأنفق على أهلي منذ أكثر من ثلاثين سنة، وليس لي من أبواب الخير والعبادة إلا أني أبذل في سبيل الله إن كان في يدي مال، ولم أدخر في عمري شيئا وكانتزوجتي تقول لي دائما يا رجل، وفر واتخذ لبناتك دارا على الأقل فأقول خليها على الله، أتدرون ماذا كان؟
لقد حسب الله لي ما أنفقته في سبيله وادخره لي في بنك الحسنات الذي يعطي أرباحا سنوية قدرها سبعون ألفا في المئة، نعم {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ} وهناك زيادات تبلغ ضعف الربح {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ}
¥