لكن الكتب التي أخذت أقوال السلف مجرّدة كما ذكر شيخ الإسلام مثل تفسير عبد الرزاق ,تفسير الإمام أحمد, تفسير ابن جرير وغيره هذه سلمت من هذه الموضوعات لأنهم كانوا ينقلون عن السلف ـ رحمهم الله ـ
هذا ما يتعلق في هذا الفصل.
وندخل في أو الفصل الرابع في هذه المقدّمة وهو الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال.
يقول: (وأما النوع الثاني سببي الخلاف ـ وفي نسخة ـ من مستندي الإختلاف وهو مايعلم بالاستدلال لابالنقل فهذا أكثر مافيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان)
يقول: (أكثر خطأ في هذا النوع من جهتين)
متى حدثت؟؟ حدثت بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم ,فإن التفاسير التي يُذكر
فيها كلام هؤلاء ويقصد شيخ الإسلام التفاسير التي تروي بالمأثور) (صرفا ً لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين التي هي سبب الخلاف من جهة الاستدلال ,مثل تفسير عبد الرزاق ووكيع وعبد بن حُميد وعبد الرحمن ابن إبراهيم دُحيم , ومثل تفسير الإمام أحمد وإسحاق و بقي وأبي بكر ابن المنذر وسفيان بن عيينة ووَسَنِيدٍ وَابْنِ جَرِيرٍ)
وتفسير ابن جرير في الحقيقة جامع بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي ,لكن ترجيحاته دائرة في مجال التفسير بالمأثور فعُدَّ من قبيل التفسير بالمأثور تغليباً (وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ماجه، وَابْنِ مردويه)
هذه الكتب التي ذكرها شيخ الإسلام لا تعدو أن نقول حدثنا فلان .. فلان .. فلان ويذكرون تفسير السلف حدثنا ..
هل يمكن أن يقع فيها النوع الثاني من أنواع الخلاف الذي مستنده الاستدلال؟ ما فيها استدلال هي مجرد نقل يُخشى منها فقط من النوع الأول الذي هو قضية الضعف من عدمه الذي سببه النقل.
يقول: (الجهتين التي مستندها الاستدلال ويقع فيها خطأ) انظروا كلام العارف!!
) إحْدَاهُمَا: قَوْمٌ اعْتَقَدُوا مَعَانِيَ ثُمَّ أَرَادُوا حَمْلَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا)
اعتقد معنى قبل أن يقرأ القرءان ,ثم أذهب إلى القرءان ليستدل على المعنى الذي اعتقده هذه الجهة الأولى ,وأكثر ما يوجد في التفسير من هذا الباب الأخطاء التي توجد في التفسير هي من قبيل هذا.
(والثَّانِيَةُ: قَوْمٌ فَسَّرُوا الْقُرْآنَ بِمُجَرَّدِ مَا يُسَوِّغُ أَنْ يُرِيدَهُ بِكَلَامِهِ مَنْ كَانَ مِنْ النَّاطِقِينَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُتَكَلِّمِ بِالْقُرْآنِ وَالْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ وَالْمُخَاطَبِ بِهِ) يعني فسروا القرآن بمجرد العربية يعني أخذوا القرءان كنص عربي وفسّروه من غير النظر إلى من نزل إليه القرءان أسباب النزول،السياق،القرائن التي أحتفّت , ما نظروا إليها البتة.
ولذلك ضربت لكم مثال في أسباب النزول: (ِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ} البقرة158) لو نظرنا إليها نصا ًمجرّدا ًسنخرج بحكم السعي بين الصفا والمروة بأنه مباح, لكن سبب النزول هو الذي أزال عنا هذا الفهم.
ولذلك فالأولون يقول شيخ الإسلام: (رَاعَوْا الْمَعْنَى الَّذِي رَأَوْهُ)
يعني اصطحبوا هذا المعنى ثم حملوا ألفاظ القرءان عليها (مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ مِنْ الدَّلَالَةِ وَالْبَيَان)
(والآخرون) من هم الآخرون؟ الّذين فسّروا القرءان بمجرد ما يسوغ:راعَوْا مجرد اللفظ.
الأولون نظرهم إلى المعنى أسبق والآخرون نظرهم إلى اللفظ أسبق.
هذا شخص يا إخواني أتى إلى القرءان وهو يعتقد عدم مجيء الله تبارك وتعالى الذي هو صفات الأفعال ,فإذا أتى على قوله عز وجل ({أَتَى أَمْرُ اللّهِ} النحل1) ماذا يقول؟ ({وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} الفجر22) ماذا يقول؟ جاء أمر ربك لماذا أوّلها؟ لأنه اعتقد معاني قبل أن يأتي للقرءان ,القرءان يقول جاء ربك وهو يقول لا، بل جاء أمر ربك!!
الآخرون نظروا إلى اللفظ المجرد دون معرفة عُرف القرآن, القرآن له عُرف خاص لابد من رعايته، ولذلك ذكر العلماء أن من ضوابط التفسير معرفة عُرف القرآن والمعهود من معانيه واستعمالاته.
فمثلاً عندنا ثلاث حقائق:
1ـ حقيقة شرعية.
2ـ وحقيقة لغوية.
3ـ وحقيقة عُرفية.
¥