" وَقَدْ كَانَ السَّلَف الْأَوَّل رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَة وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ , بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّة بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ كِتَابه وَأَخْبَرَتْ رُسُله. وَلَمْ يُنْكِر أَحَد مِنْ السَّلَف الصَّالِح أَنَّهُ اِسْتَوَى عَلَى عَرْشه حَقِيقَة. وَخُصَّ الْعَرْش بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْظَم مَخْلُوقَاته , وَإِنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّة الِاسْتِوَاء فَإِنَّهُ لَا تُعْلَم حَقِيقَته. قَالَ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه: الِاسْتِوَاء مَعْلُوم - يَعْنِي فِي اللُّغَة - وَالْكَيْفَ مَجْهُول , وَالسُّؤَال عَنْ هَذَا بِدْعَة. وَكَذَا قَالَتْ أُمّ سَلَمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا.
وقال القرطبي في كتابه الأسنى شرح
" وأظهر هذه الأقوال -وإن كنت لا أقول به ولا أختاره- (!!!!) ما تظاهرت به الآي والأخبار إن الله سبحانه على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه هذا جملة مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات حسب ماتقدم " ا. هـ
ونقله عنه العلامة مرعي الحنبلي وتعجب من اعترافه وعدم أخذه به
وقال القرطبي:
" ثم قال (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا) وتجلى معناه ظاهر، من قولك: جلوت العروس أي أبرزتها.
وجلوت السيف أبرزته من الصدإ، جلاء فيهما.
وتجلى الشي انكشف.
وقيل: تجلى أمره وقدرته، قاله قطرب وغيره " ا. هـ
فانظر إلى إثباته صفة التجلي وهي صفة خبرية ولا يثبتها بمعناها الحقيقي عامة الأشاعرة وممن نص على تأويلها الباقلاني ويزعمون أنه يلزم منها التجسيم
فهنا القرطبي أثبتها بالصريح " وتجلى معناه ظاهر، من قولك: جلوت العروس أي أبرزتها، وجلوت السيف أبرزته من الصدإ، جلاء فيهما، وتجلى الشي انكشف "
هل هذا تفويض؟!!
وفي تفسير القرطبي:
" وقال جمهور المفسرين: الحنان الشفقة والرحمة والمحبة، وهو فعل من أفعال النفس "
ـ العلامة أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي
قال في عقيدته الشهيرة أولها:
محاسن جسمي بدلت بالمعائب ... وشيب فَوْدي شوب وصل الحبائب
وأفضل زاد للمعاد عقيدة ... على منهج في الصدق والصبر لاجب عقيدة أصحاب الحديث فقد سمت ... بأرباب دين الله أسنى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته ... على عرشه مع علمه بالغوائب
وأن استواء الرب يعقل كونه ... ويجهل فيه الكيف جهل الشهارب
وهذه القصيدة طويلة أزيد من مائتي بيت
وكان ناظمها الكرجي من كبار الفقهاء الشافعية مات سنة إثنين وثلاثين وخمسمائة
وعلى هذه القصيدة مكتوب بخط العلامة تقي الدين ابن الصلاح:
" هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث " ا. هـ
وتُسمى عروس القصائد وشموس العقائد
قال ابن السمعاني:
"وله قصيدة بائية في السنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف تزيد على مائتي بيت قرأتها عليه في داره بالكرج " ا. هـ
ونقلها من خط ابن الصلاح الإمام الذهبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وفيها البيت الذي هو محل الشاهد والقصيدة مشهورة
والإمام ابن الصلاح ثقة كبير وحافظ معروف.
ـ الامام الحافظ، أبو أحمد، محمد بن علي بن محمد القصاب الغازي المجاهد ت بعد سنة 360 هـ
قال رحمه الله في كتاب السنة له:
" كل صفة وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله، فليست صفة مجاز، ولو كانت صفة مجاز لتحتم تأويلها، ولقيل: معنى البصر كذا، ومعنى السمع كذا، ولفسرت بغير السابق إلى الافهام، فلما كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل، علم أنها غير محمولة على المجاز، وإنما هي حق بين " ا. هـ
فالسابق للأفهام هو المراد في الصفات وهو حقيقتها لا مجازها
نقله الذهبي في السير ثم قال ناقلا ثناء الإمام أبي الحسن الكرجي:
وفي الكرج الغراء أوحد عصره * أبو أحمد [القصاب] غير مغالب تصانيفه تبدي فنون علومه * فلست ترى علما له غير شارب
ـ الإمام أبو موسى المديني
قال المديني في " المجموع المغيث " (2/ 400):
" وفي حديث أبيٍّ في ذكر موسى حين سئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا " فعتب الله عليه " العتبُ: أدنى الغضب " ا. هـ.
وهذا منه رحمه الله إثباتٌ لهذه الصفة بمعناها، وهو أدنى الغضب.
ـ الإمام الموفق ابن قدامة المقدسي
قال رحمه الله في معرض رده على ابن عقيل:
" فصل
¥