تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هو بكسر القاف لغةُ أهل الحجاز مشتق من القرض يتصرف فيها وقطعة من الربح وأهل العراق يسمونها المضاربة لما فيه من الضرب في الأرض وهو السفر للتجارة قال تعالى: (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) المزمل 20. وينعقد بلفظ المضاربة والقراض وبكل ما يؤدي معناهما لأن القصد المعنى فجاز بكل ما دلَّ عليه والأصل فيه الإجماع قال ابن حزم في مراتب الإجماع: كل أبواب الفقه فلها أصل من الكتاب والسنة حاشا القراض فما وجدنا له أصلاً فيهما البتة ولكنه إجماع صحيح مجرد والذي نقطع به أنه كان في عصره صلى الله عليه وسلم فعلم به وأقره ولولا ذلك لما جاز.

وأبيح قياساً على المساقاة لأن المساقاة إنما جوزت للحاجة من حيث أن مالك النخيل قل لا يحسن تعهدها ولا يتفرغ له ومن يحسن العمل قد لا يملك ما يعمل فيه وهذا المعنى موجود في القراض.

وروى البيهقي بسنده إلى الشافعي أنه بلغه عن حميد بن عبد الله الأنصاري عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب أعطاه مال يتيم مضاربة يعمل به في العراق.

وروى مالك في الموطأ والشافعي عنه عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب لقيا أبا موسى الأشعري بالبصرة عند منصرفهما من غزوة نهاوند فتسلفا منه مالاً وابتاعا به متاعاً وقدما به المدينة فباعاه وربحا فيه فأراد عمر أخذ رأس المال والربح كله فقالا له: لو تلف كان ضمانه علينا فكيف لا يكون ربحه لنا؟ فقال رجل هو عبد الرحمن بن عوف لأمير المؤمنين: لو جعلته قِراضاً فقال: قد جعلته وأخذ منهما نصف الربح.

فهذا يدل على جواز القراض ولأن المال لا ينمو إلا بالتقليب والتجارة وليس كل من يملك المال يحسن التجارة ولا كل من يحسن التجارة له مال فاحتيج إليها من الجانبين فشرعت للحاجة وقياساً على المساقاة كما ذكرنا.

قال المصنف رحمه الله القِراض والمضاربة والمقارضة أن يدفع إليه أي يدفع المالك إلى شخص مالاً يتَّجر فيه والربح مشترك بينهما ويشترط لصحته كون المال دراهم أو دنانير وهو النقد المضروب لأنه ثمن الأشياء فلا يجوز على تبر وهو الذهب الذي لم يعمل دنانير ويختم عليه ختم السلطان ويطلق على الفضة مجازاً لأنها ثمينة الأشياء كالذهب. وحلي وسبائك لعدم انضباط قيمتها ومغشوش وهو الذي فيه نسبة من النحاس فعندما نقول عيار 21 نقصد أن الذهب فيه 21 ÷ 24 والغش 3 ÷ 24 وعندما نقول ذهب عيار 19 نقصد أن الذهب فيه 19 ÷ 24 والنحاس وغيره 5 ÷ 24 وهكذا وقد ذكرنا سابقاً أنه إن راجت وعلم قدر الغش فيها وانضبط ذلك فقد جاز التعامل فيها دون حرج وعروض مثلية كانت أو متقومة لعدم انضباط الأثمان ولأن القراض عقد غرر فلا يضاف إليه غرر آخر.

وكونه معلوماً قدره وجنسه وصفته فلا يجوز على نقد مجهول القدر ولا على ألف لم يذكر صفتها معيناً فيمتنع القراض على منفعة أو ما في ذمته أو في ذمة غيره وعلى إحدى الصرتين للجهل وقيل يجوز على إحدى الصرتين إن عَلِمَ ما فيهما وتساويا جنساً وقدراً وصفة فيتصرف العامل في أيهما شاء والأصح المنع لعدم التعيين كالبيع نعم إن سلمه إحداهما في مجلس العقد جاز ذلك ومُسَلَّماً إلى العامل بحيث تستقل يده به ولو بعد العقد أو بعد مجلس العقد لكن قبل مباشرة العمل. فلا يجوز شرط كون المال في يد المالك يدفع الثمن بعد الشراء لأنه ينافي استقلال العامل بالعمل ويجوز شرط عمل غلام المالك معه بشرط عدم تصرفه على الصحيح كما يُعطى الدكان والميزان ليكون له عوناً. ووظيفة العامل التجارة وتوابعها وهي ممارسة البيع والشراء وابتغاء الربح لا بالحرفة كالطحن والخبز فإن فاعلها يسمى محترفاً لا تاجراً. كنشر الثياب وطيها وذرعها ومسح الغبار عنها ووضعها في مكان نظيف وقبض الثمن وحفظه فلو قارضه ليشتري حنطة فيطحن ويعجن ويخبز ويبيع ذلك أو يشتري غزلاً مثلاً ينسجه ويبيعه والربح بينهما فسد القراض وفي الصورتين لأن القراض هو مزاولة البيع والشراء وشرع للحاجة وهذه الأمور يمكن استئجار عمال عليها ولكن لو اشترى حنطة فطحنها لرواج الطحين من غير شرط جاز لأنه من لوازم التجارة ولا يجوز أن يشرط عليه شراء متاع معين كهذه السيارة أو هذا الثوب لأن ذلك تضييق على العامل وعدم إطلاق ليده فيما يراه مناسباً. أو نوع معين يندر وجوده كزيت منطقة صغيرة أو عسل جبل مجهول أو تمر نخل نادر الوجود أو خيل بلق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير