تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المالك لما روى الشيخان عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة وروى مسلم عن ثابت بن الضحاك أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة، ولما روى مسلم وغيره عن ابن عمر قال: كنا نخابر ولا نرى في ذلك بأساً حتى أخبرنا رافع بن خديج (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فتركناه) لقوله فلو كان بين النخل بياضٌ أي أرض خالية من الزرع صحت المزارعةعليه مع المساقاة على النخل تبعاً له لعسر الإفراد، وعليه حُمِلَ خبر ابن عمر أنه عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمرٍ أو زرعٍ بشرط اتحاد العامل أي أن يكون عامل المزارعة هو عامل المساقاة لأن إفرادها بعاملٍ يخرجها عن التبعية وعسر إفراد النخل بالسقي والبياض بالعمارة أي الزراعة والأصحُّ أنه يشترط ألّا يفصل بينهما أي يفصل بين المساقاة والمزارعة في العقد بل يأتي بهما على الاتصال لتصح التبعية وألّا يقدم المزارعة على المساقاة لأن التابع لا يتقدم على متبوعه وكثير البياض أي اتساع المسافات بين مغارس الشجر كقليله لأن الغرض تعسُّر الإفراد وهو محقق فيهما والأصحُّ أنه لا يشترط تساوي الجزء المشروط من الثمر والزرع فيجوز أن يشرط للعامل نصف الثمر وربع الزرع والأصحُّ أنَّه لا يجوز أن يخابر تبعاً للمساقاة بل يشترط أن يكون البذر من ربِّ النخل لأن الخبَرَ ورد في المزارعة تبعاً في قضية خيبر وهي في معنى المساقاة من حيث أنه ليس على العامل فيهما إلا العمل بخلاف المخابرة فإنه يكون عليه العمل والبذر، قال السبكي: إن الوارد في طرق الخبر أنه صلى الله عليه وسلم لم يدفع لهم بذراً إذ لو دفع لذكر فإن أفردت أرضٌ بالزراعة فالمغلُّ للمالك لأنه نماء ملكه وعليه للعامل أجرة عمله ودوابّه وآلته سواءً أحصل من الزرع شيءٌ أم لا قياساً على نظيره في القراض وطريق جعل الغلّة لهما ولا أجرة في إفراد المزارعة أن يستأجره أي يستأجرُ المالكُ العاملَ بنصف البذر ليزرع له النصف الآخر من البذر في نصف الأرض مشاعاً ويعيره نصف الأرض مشاعاً لأن إعارة المشاع جائزة أو يستأجره أي يستأجر المالك العامل بنصف البذر ونصف منفعة الأرض شائعاً كذلك ليزرع النصف الآخر من البذر في النصف الآخر من الأرض فيكونان شريكان في الزرع على المناصفة ولا أجرة لأحدهما على الآخر لأن العامل يستحق من منفعة الأرض بقدر نصيبه من الزرع والمالك يستحق من منفعة العامل بقدر نصيبه من الزرع.

? فصل في بيان الأركان الثلاثة وما يشترط في عقد المساقاة ?

يشترط تخصيص الثمر بهما أي المالك والعامل فلا يجوز شرط بعضه لغيرهما واشتراكهما فيه فلا يجوز تخصيص كل الثمر لأحدهما والعلم منهما بالنصيبين بالجزئية أو قولهما بيننا لحمله على المناصفة كالقراض فيما سبق من أحكام والأظهر صحة المساقاة بعد ظهور الثمرة لأنه أبعد عن الغرض فهو أولى بالجواز من المساقاة قبلها لكن محل الصحة قبل بدو الصلاح لأن هنالك أعمالاً قبل بدو الثمر يحتاج إليها الشجر ولذا منع كثيرون المساقاة بعد ظهور الثمرة ولأنه ليس منصوصاً عليه ولا في معنى المنصوص عليه فإن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على الشطر مما يخرج من زرع أو ثمر ولأن المساقاة بعد ظهور الثمرة يفضي إلى أن يستحق المساقي عوضاً موجوداً ينتقل إليه بمجرد العقد فيجعل المساقاة عقد إجارة بمعلوم ومجهول فلم يصح. ولو ساقاه على وَدِيٍّ وهو صغار النخل ليغرسه ويكون الشجر لهما كما لو سلم إليه البذر ليزرعه وأيضاً الغرس ليس من عمل المساقاة فضمه إلى المساقاة يفسدها. ولو كان الودي مغروساً وساقاه عليه وشرط له جزءاً من الثمر على العمل فإن قدّر مدة يثمر فيها غالباً صح. كخمس سنين صح العقد ولا يضر طول المدة وهي بالسنين لأنها بمثابة الشهور من السنة الواحدة. وإلا فلا أي وإن قدّر مدة لا يثمر فيها عادة فلا يصح ذلك لأنه يشبه العقد على شجر لا يثمر أصلاً. وقيل إن تعارض الاحتمال أي احتمال الإثمار وعدم الإثمار صح عقد المساقاة لأنه اعتمد فيه على غلبة الظن وله مساقاة شريكه في الشجر إذا شرط له زيادة على حصته كأن كان له الربع من الشجر فشرط إن عمل مساقياً أن يكون له النصف من الثمر ويشترط أن لا يشرط على العامل ما ليس من جنس أعمالها أي من غير جنس أعمال المساقاة كحفر بئر وبناء جدار وتعبيد طريق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير