تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا تصح إجارة مسلمٍ لجهادٍ ولو أراد من ذلك إقامة هذه الشعار وصرف عائداته لوجوه الخير لأنه يتعين عليه عند حضور الصفِّ ولا لفعل عبادة تجب لها نية كالصلاة والصوم لأن القصد منها امتحان المكلفِ بكسر نفسه بالفعل وغيره لا يقوم مقامه فيه ولو قام مقامه غيره فلا يستحق شيئاً لقولهم: كل ما لا يصح الاستئجار عليه لا أجرة لفاعله وإن عمل طامعاً إلا الحج والعمرة فيجوز الاستئجار لهما ولأحدهما عن ميت وعاجز لا يستطيع الحج ويتبعهما صلاة ركعتي الطواف لوقوعهما عن المستأجر وتفرقة زكاة وكفارة وذَبْحِ وتفرقةِ أضحيةٍ وهديٍ فإنها تجوز فيها الاستنابة لحصول المقصود بها وتصحُّ الإجارة لكل ما لا تجب له نية وتصح لتجهيز ميتٍ ودفنه وهو من قبيل عطف الخاص على العام وتعليم القرآن كلِّه أو بعضه لما روى البخاري عن ابن عباس في حديث اللديغ (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) وتصح لحضانةٍ وإرضاعٍ معاً ولأحدهما فقط لأن الحضانة نوع خدمة وتقدّر بالمدة ويجب تعيين الرضيع لاختلاف الغرض لاختلاف حاله وتعيين موضع الإرضاع من بيت المستأجر أو بيت المرضعة فبيتها أسهل عليها وبيته أشدُّ وثوقاً واطمئناناً في حضانته وإرضاعه والأصح أنه لا يستتبع أحدهما الآخر أي لا يستتبع الحضانة الإرضاع ولا الإرضاع الحضانة لاستقلال كل واحد منهما عن الآخر مع جواز استقلال كل منهما بالإجارة والحضانة حفظ الصبي أي جنسه من ذكر أو أثنى وتعهده بغسل رأسه وبدنه وثيابه وتطهيره من النجاسات ودهنه وقيل: الدهن على الأب وقيل: تتبع فيه العادة وكحله وربطه في المهد وتحريكه لينام ونحوها مما يحتاج إليه كأن تلقمه الثدي وتعصره له عند الحاجة ويتبع منفعة الإرضاع في الاستحقاق بالإجارة اللَّبن المُرْضَع به وقيل الأصل اللبن والحضانة تابعة قال تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) الطلاق6. فعلق الأجرة بفعل الإرضاع لا باللبن والأجرة موضوعة للمنافع وإنما كانت الأعيان تبعاً للضرورة ولو استأجر لهما أي الحضانة والإرضاع فانقطع اللبن فالمذهب انفساخ العقد في الإرضاع دون الحضانة لأن كلاً منهما مقصود كما ذكرنا والأصح أنه لا يجب حبر وخيط وكحل على ورَّاق وخياط وكحَّال في استئجارهم للنسخ والخياطة والكحل لأن الأعيان لا تستحق بالإجارة ولأن المقصود من اللفظ هو العمل والورّاق هو الذي ينسخ الكتب قلت صحح الرافعي في الشرح الرجوع فيه أي المذكور إلى العادة أي عادة الناس إذ لا ضبط في الشرع ولا في اللغة فنرجع إلى العرف فإن اضطربت أي لم يكن للناس عادة وجب البيان وإلا أي وإن لم يبين فتبطل الإجارة والله أعلم لأن اللفظ عند عدم وجود العادة وعند عدم وجود التقليد يلتحق بالمجملات ولا يمكن الضبط.

? فصل في ما يجب على المُكري أو المكتري ?

يجب على المكري تسليم مفتاح الدار إلى المستكري ليتمكن من الانتفاع بها وهو أمانة بيده فإن تلف بتقصيره ضمنه وإن تلف من غير تقصير فلا يضمن وفي حالة تلفه من غير تقصير يلزم المكري تجديده وعمارتها على المؤجر كبناء وتطيين سطح وإعادة رخام قلع ووضع باب وميزان وإصلاح منكسر ولو وكف السطح من نحو مطر وجب إصلاحه وإلا فللمكتري الخيار أي إذا لم يبادر المكري إلى الإصلاح فللمكتري الخيار لتضرره بنقص المنفعة وكسح الثلج عن السطح على المؤجر أي رفع الثلج عن سقف الدار على المكري لأنه كعمارة الدار فإن أبى وحدث عيب فللمكتري الخيار وتنظيف عرصة الدار والعرصة هي البقعة الفضاء بين الأبنية ليس فيها بناء عن ثلجٍ وكناسةٍ على المكتري لأن الكناسة إنما حصلت بفعله ولا يتم كمال الانتفاع إلا بإزالة الكناسة والثلج والرماد وغيرها وإن أجّر دابةً لركوبٍ فعلى المؤجر إكافٌ وبَرْذَعَةٌ والإكاف ما يجعل تحت البَرْذعة وتحت ذنب الدابة ومنهم من جعل الإكاف والبرذعة شيئاً واحداً وحزامٍ وهو ما تشدُّ به البرذعة والإكاف وثَغَرٍ وهو ما يجعل تحت الدابة وسمي بذلك لمجاورة ثَغْر الدابة وهو فرجها مذكرة أو مؤنثة ولو من آدمي وَبُرَّةٍ وهي حلقة توضع في أنف البعير وخِطَامٍ وهو الزمام أو الحبل يشد في البُرَّةِ ثم يشد في طرف المقود لأن التمكن من الركوب غرض في الإجارة ولا يحصل بدون الزِّمام في البُرَّة وعلى المكتري مَحْمِلٌ ومظلةٌ وهي ما يظلل بها المحمل ووطاءٌ وغطاءٌ والوطاء ما يفرش في المحمل ليجلس عليه والثاني ما يغطّى به وتوابعها كالحبل الذي يشد به المحمل على البعير لأن هذه الأمور تراد لكمال الانتفاع والأصح في السرج للفرس إتباع العرف وقيل: على المؤجر الإكاف.

وظرف المحمول على المؤجر في إجارة الذمة والظرف هو الوعاء الذي يُنْقَلُ فيه المحمول على المؤجر لأنه التزم النقل فليهيئ أسبابه وعلى المكتري في إجارة العين إذ ليس على المؤجر في إجارة العين إلا تسليم الدابة وعلى المؤجر في إجارة الذمة الخروج مع الدابة لسوقها وتعهدها وإعانة الراكب في ركوبه ونزوله بحسب الحاجة فينيخ البعير للمرأة لأنه يصعب عليها النزول والركوب مع قيام البعير وكذا إذا كان الرجل ضعيفاً لمرض أو شيخوخة أو كان مفرط السمن ويقرب الدابة إن كانت حماراً أو بغلاً من مرتفع حتى يسهل عليه الركوب وإذا اكترى للحمل في الذمة لزم المؤجر رفع الحمل وحطه وشد المحمل وحله وأن يوقف الدابة لينزل الراكب لما لا يتهيأ فعله على الدابة كقضاء الحاجة والوضوء وصلاة الفرض وإذا نزل انتظره المكري ليفرغ منها وليس عليه في إجارة العين إلا التخلية بين المكتري والدابة فليس عليه أن يُعَيّنَ المستأجر على الركوب والحمل وتنفسخ إجارة العين بتلف الدابة لأنها محل العقد ويثبت الخيار بعيبها والعيب مثل أن تتعثر في المشي أو لا تبصر في الليل أو يكون بها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير